السيسي (الرويبضة) يتقمص دور “المُصلح” ويتهم السنة النبوية بالكراهية والإرهاب!

تقريبًا، لم يترك عبد الفتاح السيسي هذا الرويبضة التافه فرصة إلا وتحدث فيها عن الدين، مرّة عن تجديد خطابه، ومرّة عن ثورة دينية، وقبل ذلك في تسريب لحوار بينه وبين رئيس تحرير صحيفة “المصري اليوم” ياسر رزق، أبرز السيسي اهتماماته الدفينة المتعلقة بالرؤى والأحلام، وتأويلاتها، حتى إن أسوشيتيد برس، وصفت السيسي بعد تلك التسريبات، بالرّجل الروحاني!.

وفي هذا الإطار، أثارت تصريحات المنقلب السيسي موجة غضب واسعة بين رواد التواصل الاجتماعي، في أعقاب حديثه في احتفالية المولد النبوي الشريف عن التشكيك في “السنة النبوية”؛ الأمر الذي اعتبره مراقبون ونشطاء وراد بالتواصل الاجتماعي دليلاً على كراهية سلطة العسكر للسنة النبوية بعد تكرار الأمر في السنوات الخمس الأخيرة.

كان شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب قد انتقد في كلمته خلال الاحتفال الذي نظمته وزارة الأوقاف، تصيد ثوابت السنة النبوية وجعلها كبش فداء لما يحدث في العالم، خاصة بعد ترجل السيسي في قلب حديث “الطيب” بأن السنة النبوية هي “السبب”؟!

دعوة لتغيير نصوص قدسية

وفى 2015 وتحديدا يناير، دعا السفاح قائد الانقلاب السيسي إلى ما وصفها بثورة دينية للتخلص من أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون وباتت مصدر قلق للعالم كله.

وقال السيسي في كلمة له بمناسبة المولد النبوي الشريف آنذاك (2015)، إنه “ليس معقولاً أن يكون الفكر الذي نقدسه على مئات السنين يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها”.

وأضاف أن هذا الفكر “يعني أن 1.6 مليار (مسلم) حيقتلوا الدنيا كلها التي يعيش فيها سبعة مليارات عشان يعيشوا هم”.

وقال إنه يقول هذا الكلام أمام شيوخ الأزهر و”الله لأحاجكم به يوم القيامة”، وطالبهم بإعادة قراءة هذه النصوص “بفكر مستنير”.

وذكر أن الخروج من هذا الفكر يقتضي ثورة دينية وتدقيقًا والاطلاع عليه من الخارج؛ لأنه “لا يمكن أن يكون داخلك وتحس به”.

شخصية انتهازية

تكاد لا تُحصى عدد المرات التي تحدثّ فيها الجنرال عن الدين، في خطابات داخلية، أو محافل دولية، وفي لقاءاته الإعلامية، وتصريحاته الصحافية؛ فدائمًا ما يلفت السيسي إلى “الخطاب الديني الجديد”، يُعزز من مكانة الأزهر في نشر “الإسلام الوسطي”، أو يلمّح إلى التأييد الإلهي، فضلًا عن إشاراته إلى الأخلاق الدينية ما بين الحين والآخر.

في تقرير لها (أغسطس 2014)، وصفت رويترز السيسي بأنه “يرتدي عباءة المصلح الاجتماعي”.. نفسه السيسي الذي أكّد رفضه لمشروع “الدولة الدينية”، اعتبر أنّ تحركه بالجيش لإزاحة الرئيس محمد مرسي وحكومته، “قرارًا صعبًا لحماية الوطن والإسلام”.. السيسي قال ذلك في لقائه بوفد من الطرق الصوفية، قبيل انتخابات الرئاسة في 2014. أدمع السيسي وقال: يا رب يكون لينا أجر إننا حمينا الناس في مصر، وحمينا الإسلام كمان.

دفاع عن الدين ومحاربة الإسلام

ونشر الإعلامي محمد ناصر علي مقطع فيديو من قناة مكملين كتب خلالها: أقوى تحد بين السيسي وشيخ الأزهر.. هل يتسبب في رحيله؟!

وانتقد شيخ الأزهر خلال كلمته بالاحتفال تصاعد دعاوى التشكيك في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها وحجيتها، والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، والمطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم فحسب”.

وأكد الطيب أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، مضيفًا: “فمن المعلوم أن الصلاة ثابتة بالقرآن لكن لا توجد آية واحد في القرآن يتبين منها كيف للمؤمن أن يصلي فهذه التفاصيل لا يمكن تبينها ولا معرفتها إلا من السنة النبوية”.

وأوضح شيخ الأزهر أن هذه الدعاوى ظهرت في الهند منذ بداية القرن التاسع عشر والقرن العشرين وشاركت فيها شخصيات شهيرة ومنهم من انتهى به الأمر لادعاء النبوة ومنهم ما كان ولاؤه للاستعمار.

وأردف: “زعموا أن السنة ليس لها أى قيمة تشريعية في الإسلام وأن التشريع فقط للقرآن، ضاربين عرض الحائط بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبًا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين”، مشددًا على أن “سلخ القرآن عن السنة يفتح عليه أبواب العبث بآياته وأحكامه وتشريعاته”.

السيسي: المشكلة في السنة!

وكعادته وتعقيبًا على كلمة شيخ الأزهر ارتجل المنقلب عبد الفتاح السيسي خلال كلمته وقال “منفعلاً”: “الإشكالية الموجودة في عالمنا الإسلامي حاليًا ليست في أننا نتبع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو لا نتبعها، ده أقوال لبعض الناس، لكن الحقيقة المشكلة الموجودة في عالمنا الإسلامي كله الآن هي القراءة الخاطئة لأصول ديننا”.

واستطرد السيسي: “أرجو أن تنتبهوا، ودي رابع أو خامس مره اتكلم معاكم فيها، وأنا بتكلم كإنسان مسلم وليس كحاكم.. يا ترى الناس اللي كانوا بيقولوا بلاش ناخد بالسنة وناخد بالقرآن فقط، ياترى الإساءة بتاعتهم أكثر، ولا الإساءة اللي احنا عملناها كفهم خاطئ وتطرف شديد في العالم كله، ياترى سمعة المسلمين إيه في العالم”.

الإعلامي والناشط السياسي عبدالعزيز مجاهد،كتب على “تويتر”: السيسي كعادته في خطاب المولد النبوي الشريف هزأ المسلمين الذين يراهم من وجهة نظرهم كذابين لا يفهمون دينهم والعالم معذور في كراهيتهم .

في حين علق الكاتب الصحفي وائل قنديل: أنا أتحدث عن كلمة معينة لشيخ الأزهر في مناسبة محددة وموقف محدد، فلا تناقشني في أعماله الكاملة.. هذا يساوي أن أقول لك إن فلانًا شاعر موهوب فترد بالقول: لكنه بخيل أو كان ضعيفا في الفيزياء وحساب المثلثات.. كلمة شيخ الأزهر في الاحتفال بذكرى مولد الرسول عليه الصلاة والسلام: امتياز.

السيسي يحارب السنة ويلتقي “البهرة” الشيعية

كما سبق أن استقبل قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، سلطان طائفة البهرة الشيعية بالهند، مفضل سيف الدين.

ورحب السيسي بسلطان البهرة في زيارته لمصر مشيدًا بـ”الجهود التي تبذلها طائفة البهرة لترميم المساجد الأثرية في مصر”.

في الوقت الذي أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى اعتبرت فيها طائفة “البهرة” خارجة عن الإسلام طبقًا للفتوى الصادرة عنها في 1 أكتوبر 2013 برقم 261071 على الموقع الرسمى لها.

يقول نص الفتوى: “إنهم طائفة تابعة للفرقة الإسماعيلية الشيعية التي تعتقد بأمور تفسد عقيدتها وتخرجها عن ملة الإسلام والتي من أهمها الاعتقاد بأن النبي صلى الله عليه وسلم انقطع عنه الوحي أثناء فترة حياته وانتقلت الرسالة إلى الإمام علي رضي الله عنه”.

رسائل “شيخ الأزهر” لجنرالات العسكر

الجدير بالذكر أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر،قد أصدر بيانا لأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر بمناسبة حلول العام الهجري الجديد في سبتمبر الماضي، إلا أن هذا البيان جاء كنموذج من الرسائل المبطنة أراد بها “الطيب” إيصال رسائل لأولى الألباب نرصد مايلى:

أولى الرسائل من الدكتور أحمد الطيب، تضمنت “أنَّ الأزهرَ جامعًا وجامعةً خَطَا خُطواتٍ واسعة – بفضلِ الله وكرَمِه – على طريق التقدُّم العِلمي والثقافي، ومجال الوعظ والإرشاد، وإيصال رسالته السمحة التي هي رسالة الوسطية والتعايش والسلام، على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي”.

صحيح الدين

وأكد شيخ الأزهر في رسائله، أنه “بفضل الله وبجهود أبنائه المخلصين من أمثالكم أصبحت عمائمُ الأزهر حاضرةً في كافَّة المحافل، وفي المدارس ومراكز الشباب والجامعات وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، بل والمقاهي الثقافية؛ ممَّا كان له أعظمُ الأثر في توعية الناس وتبصيرهم بمعرفة صحيح الدِّين، وإحياء الشعور الصادق لديهم بالانتماءِ للوطن.

كما شهد الأزهر صداما مع العسكر من خلال محاولة السيسي فرض عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي إلا إذا تم توثيقه، وأكدت أن ذلك يخالف النصوص والإجماع ويجعل الناس يعيشون في زنا دائم تحت مزاعم التوثيق. لذلك صاحب رفض السيسي وأجهزته الأمنية التجديد لشومان ودعوة المشيخة لترشيح شخصيات أخرى للمنصب “تكون لديها القدرة على النهوض بدور الأزهر، ونشر الفكر المستنير” على حد زعمها.