حريق العتبة ،حريق الموسكي،حريق الغورية … هل هي حرائق عادية أم أن تاريخ العسكر في مصر يقول غير ذلك ؟؟
تحدث زملاء عبد الناصر من الضباط الأحرار في مذكراتهم التي كتبوها عن دور عبد الناصر في تدبير الكثير من الحرائق والتفجيرات داخل مصر ليدفع الناس إلى الكفر بالديمقراطيه والحرية ،وأيضا نسبتها إلى الإخوان المسلمين لتشويه صورتهم لدى الشعب المصري لأنهم كانوا ينادون بالعودة للحياة الدستورية في ذلك الوقت وعودة الجيش إلى ثكناته .
وقبل ذلك بقليل خرج الشعب الثائر في وجه المحتل العسكري يطالب بالحرية فأحرق المحتل القاهرة ليخاف الناس ويستسلموا للمحتل ويقبلوا بكل ما يقدمه لهم وإلا فإن الحرق هو مصيرهم .
وتتكرر الظاهرة في مصر العسكر فيخرج الشعب معترضا على الخيانة والتفريط في الأرض وبيعها وينتفض الصحفيون والأطباء وكل حر على أرض مصر مطالبين بالحرية ورحيل العسكر فتحترق القاهرة بين عشية وضحاها وتنتشر الحرائق في ربوع مصر .
يطل علينا العسكر عبر تاريخه بكوارث يخطط لها وينفذها ليؤدب معارضيه ويؤدب الشعب الثائر جراء مطالبته بالحرية والكرامة ثم ينشر شائعاته وينتشر رجاله وأدواته متهمين الأحرار من أبناء هذا الوطن تمهيدا للبطش بهم فهل يعي الشعب اللعبه هذه المرة ؟؟
يذكر التاريخ أنه في الساعة الثانية من فجر يوم ٢٦ يناير من عام ١٩٥٢م تجمع عمال ميناء فاروق الجوي و منعوا تزويد اربع طائرات بريطانية بالوقود .. و كان ذلك عقب مذبحة الاسماعيلية و التي وقعت يوم ٢٥ يناير من نفس العام و كانت هذه المذبحة بمثابة الشرارة الأولى لاندلاع الحريق ..
ففي صبيحة يوم السبت ٢٦ يناير بدأ تمرد جنود بلوكات النظام في معسكر العباسية و خرجوا ساخطين على ما حدث لزملائهم في الاسماعيلية ، و في نفس الوقت كان الغضب بلغ حد الحلقوم لدى جماهير الشعب المصري حيث تجمهر طلبة جامعة فؤاد الأول بعد ان انضم لهم جنود بلوكات النظام في ثورة عارمة تندد بالتدخل البريطاني مطالبين بقتال الإنجليز ..
و في نفس الوقت خرج طلبة الأزهر متوجهين الى وسط المدينة و انقسمت كتلة المتظاهرين الى قسمين ، قسم توجه الى مجلس الوزاراء حيث خرج لهم الوزير الوفدي عبد الفتاح باشا حسن معلناً مساندة الحكومة للشعب في كفاحه ضد الإنجليز ..
كانت توجد مظاهرات اخرى متفرقة جمعت الطلبة مع العمال و الرعاع مع الافندية مع بعض جنود البوليس .. وفي ميدان الأوبرا كانت توجد مظاهرة اخرى خرج منها مجموعة من الأشخاص الغير معروفين و هاجموا كازينو الأوبرا و كباريه بديعة و اشعلوا النيران بهم . وقع هذا الحريق في الساعة الثانية عشر ظهرا و كان اول الحرائق التي بدأت تتوالى حتى طالت نوادي و دور السينما ، الفنادق و المتاجر و المطاعم ، المصارف و الملاهي الليلية ، المخازن و المحلات بل مئات المنشئات ..
تركزت اغلب الحرائق في وسط المدينة الا ان بعضها طال احياء اخرى بالقاهرة مثل حي السكاكيني و الفجالة و الظاهر و شبرا و منشية البكري ..
اختُلِف في تقدير الخسائر من جراء الحريق فالبعض قدرها ب ١٥ مليون جنيه بينما قدرها البعض الاخر ب ٢٥ مليون جنيه .. و قد قدرت خسائر فندق شبرد وحده بما يزيد عن المليون جنيه بينما وصلت خسائر متجر شيكوريل الى ٨٠٠ الف جنيه .
ويعيد التاريخ نفسه ويعيد العسكر لعبته معتمدا على الذاكرة القصيرة للشعب المصري التي تنسى سريعا ولكنه غفل عن الجيل الحالي الذي تعلم الدرس ووعى اللعبه فلينتظر العسكر شعبا غاضبا في الميادين ينادي برحيل العسكر الذي خرب البلاد ويحرقها الآن انتقاما من أهلها .