“90%” عجزًا مائيًا و4 ملايين يفقدون أعمالهم.. التصحر يهدد أخصب أراضي مصر في الدلتا

حذرت صحيفة “The Financial Times” البريطانية، في تقرير لها الأسبوع الجاري، من المخاطر التي تهدد بتصحر أخصب أراضي مصر في دلتا النيل، وقالت إن المشكلات في دلتا النيل كانت تتفاقم منذ عقود، مشيرة إلى أن زيادة مستوى البحر المتوسط زادت من ملوحة المياه الجوفية والتربة، وزاد الضغط على مصادر المياه الموجودة بالزيادة السكانية، وفي الوقت نفسه أدَّى التخلُّص الجماعي من النفايات الصناعية في قنوات الري إلى تلوُّث المجاري المائية.

يقول محمد غانم، الباحث في مركز البحوث الزراعية التابع لحكومة السيسي: «تعاني الدلتا بالفعل من أزمةٍ مائية بسبب المشكلات البيئية القائمة». وأضاف: «هذه المشكلات يلمسها المزارعون، وقد يزيد السد الإثيوبي الأوضاع سوءا».

وبحسب الصحيفة البريطانية، تقع مصر إلى الأسفل بكثير من خط الفقر المائي بالتعريف المقبول عالميا، وهو ألف متر مكعب، أو أقل لكلِّ شخصٍ في السنة. أما إحصائيات مصر فهي 600 متر مكعب لكلِّ شخص.

وقال خالد أبو زيد، رئيس منظمة الشراكة المائية المصرية، وهي منظمة غير حكومية، إن الأولوية كانت للحفاظ على مصادر المياه الموجودة، وإيجاد طرق لمعالجة المياه المُهدَرَة حتى يمكن إعادة استخدامها في الزراعة.

وأضاف: «هناك مشكلةٌ وتحدٍّ وتكلفة متعلقة بالأمر»، موضحًا أن «حجم المياه المُهدَرَة سيزيد مع زيادة التلوث. ويجب أن تكون هناك استثماراتٌ أكبر في إعادة تدوير المياه، وخططٌ لبداية أي مشروع جديد للتأكُّد من أنهم سيعيدون استخدام المياه المُهدَرَة».

ويشير التقرير إلى محاولات النظام العسكري الوصول إلى اتفاقٍ مع أديس أبابا لتأمين ما تعتبره القاهرة حقها وحصتها من مياه النيل، وهو 55.5 مليار متر مكعب سنويا، الذي كان مضمونا بموجب اتفاقية موقعة مع السودان في 1959. لكن المشكلة تتمثل في أن إثيوبيا لا تعترف بهذه الاتفاقية.

“4” ملايين مصري بدون عمل

كان محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية بحكومة الانقلاب، قد استعرض موقف مصر الخطير من شح المياه، حيث أظهرت نتائج الدراسات أن معظم مناطق شمال وجنوب إفريقيا ستكون مهددة بمخاطر الشح المائي والتي تزيد التغيرات المناخية من تأثيراته، مما يستلزم اتخاذ الإجراءات الملائمة في الوقت المناسب للتكيف مع تغير المناخ، وخاصة في دول حوض النيل وإفريقيا بشكل عام.

وأشار- خلال مشاركته في جلسة “المياه من المنبع إلى المصب” التي عقدت على هامش فعاليات الأسبوع العالمي للمياه، الذي عقد بالعاصمة السويدية أستوكهولم الأسبوع الماضي- إلى أن دلتا نهر النيل تتعرض للعديد من المخاطر نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر، والذي يؤدي إلى تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية، والتأثيرات السلبية لذلك على الزراعة في شمال الدلتا، مما قد يتسبب في آثار بيئية واجتماعية جسيمة تستلزم اتخاذ إجراءات للتكيف مع التغيرات لمناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية دلتا النيل.

وأضاف عبد العاطي أن أحدث الدراسات العلمية لمنطقة الدلتا تشير إلى أنه من المتوقع أن يفقد 4 ملايين شخص من سكانها عملهم نتيجة تدهور الأراضي بالدلتا وفقدها، مما قد يؤدي إلي زيادة الهجرة غير الشرعية خارج البلاد، هذا بخلاف التأثيرات الأخرى للتغيرات المناخية والمتمثلة في حدوث حالات من الجفاف وزيادة معدلات السيول.

وأوضح أن أكثر من ٩٥٪ من مساحة مصر صحراء، وهي من أكثر بلاد العالم جفافًا، ويتركز سكانها البالغ تعدادهم ١٠٠ مليون نسمة حول نهر النيل في الوادي والدلتا، وأن نقص المياه المتجددة بــ2% سيؤدي إلى فقدان 200 ألف مزارع مصري لعملهم، وهم من أقل الطبقات دخلاً، مما سيؤدي حتما إلى ارتفاع معدلات البطالة.

وأكد أن الدولة المصرية تعتمد على 97% من مواردها المائية التي تأتي من خارج حدودها شاملة المياه السطحية والجوفية، مما يضاعف من أي تأثيرات للتغيرات المناخية على مواردها المائية، وأن العجز المائي للبلاد وصل إلى نحو 90% يتم تعويضه من خلال إعادة تدوير المياه، والذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي، كذلك استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز.

تحذير أممي

كان نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء لدى الأمم المتحدة، قد حذر في فبراير الماضي 2018، من احتمال فقدان مصر لنصف مساحة الدلتا بحلول 2100 إذا لم ترفع حائط صدٍ بحري يقيها ارتفاع منسوب ماء البحر وغرق الدلتا.

واعتبر علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء لدى الأمم المتحدة، أنه على الدول الصناعية أن تزود مصر بحائط صد بحري لعدم إغراق الدلتا، في ضوء التحذير من فقدان مصر لنصف مساحة الدلتا بحلول 2100.

وأضاف النهري أنه من المهم تطبيق نتائج مؤتمر باريس 2015 لخفض درجة حرارة الأرض درجتين، وتجنب الكثير من المشاكل المناخية، لافتا إلى أن الولايات المتحدة انسحبت من هذه الاتفاقية، والصين عدلت عن الانسحاب بسبب الضغوط التي مورست ضدها.

وأكد أن مصر من أكثر الدول النامية التي تحتاج لمعونات مالية وفنية نتيجة تأثرها بالتغيرات المناخية؛ نظرًا لارتفاع الدلتا لنصف متر فقط خاصة عند المنزلة وبلطيم وجمصة.