العسكر بلطجية الطوابير.. 10 كوارث في أزمة البطاطس بعد لبن الأطفال والسكر

في خلال ساعات قليلة، تصاعدت أزمة أسعار البطاطس ثم الطماطم وباقي أسعار الخضراوات والفواكه.

وخلال الأسبوع الماضي، بدأت الأزمة إعلاميٍّا بنشر شائعات الارتفاع الكبير في سعر البطاطس إلى 14 جنيهًا، رغم أنها في الأسواق ما بين 8 و10 جنيهات للكيلو.

وما يثير السخرية أن سيناريو أزمة البطاطس جرى إخراجه كما سبق وحدث مع السكر ولبن الأطفال، وغيرها من الأزمات المعيشية التي يحتاجها المواطن بصورة مستمرة.

وتمر الأزمة فى زمن العسكر بمراحل، بداية من نقص المنتج في السوق، يعقبه غضب شعبي، فتظاهرات فاحتجاجات فاستدعاء لمازنجر “العسكري” لحل الأزمة، ثم إعلان قيام العسكر وشركاتهم بالاستيلاء على سوق السلعة واحتكارها.

وخلال سنوات الانقلاب العسكري، شهدت الساحة المصرية العديد من الأزمات المعيشية التي تعبر في مجملها عن فقر واقع بالشعب وسوء إدارة عسكرية.

في أكتوبر 2016، فوجئ المصريون بعد أسابيع من أزمة لبن الأطفال، بغياب سلعة السكر من الأسواق، وسط محاولات مقصودة لتعطيش السوق، وإيجاد مبرر لاحتكار سوق السكر، ما تسبب في وصول سعره إلى 10 جنيهات واختفائه من التموين، الأمر الذي دفع الغرفة التجارية إلى وصف السكر بأنه أصبح مثل “المخدرات”، متهمة وزارة التموين في حكومة الانقلاب، بالمسئولية عن الأزمة بعد توقف الشركة القابضة عن توريد السكر لشركات التعبئة، ما تسبب في حدوث نقص في المعروض.

تعطيش السوق

مخطط العسكر لتعطيش السوق لم يتوقف عند حد وقف توريده لشركات التعبئة، فقد امتد إلى وزارة التموين بالتعاقد مع كينيا لتصدير 50 ألف طن سكر بسعر 650 دولارا للطن، رغم الأزمة المحلية، ما أدى إلى وصول نسبة العجز في السكر إلى 80% آنذاك.

وسبق أزمة السكر، أزمة لبن الأطفال المدعم الذي كان يباع بسعر 17 جنيهًا للعلبة الواحدة، وفجأة تصاعدت أزمة اختفائه، وتجمهر الأهالي أمام مقار مستشفيات التأمين الصحي بالمحافظات ومراكز الأمومة والطفولة، ما أدى لتدخل قيادات العسكر واستيراد صفقة على الغلابة بسعر 30 جنيهًا.

وعلى نفس النهج، بسط العسكر أيديهم على مقدرات الدولة وثرواتها، من خلال افتعال الأزمات ثم التدخل في الوقت المناسب للهيمنة وبسط النفوذ، وهو ما كشفه الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة الانقلابى السابق، عن أن الوزارة وقعت اتفاقية مع وزارة الدفاع لشراء جميع احتياجات مصر من المستلزمات الطبية، مثل “الفلاتر والمحاليل”.

يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت مصر أزمة كبيرة في المستلزمات الطبية في مستشفيات وزارة الصحة، من محاليل وأدوات وأدوية، حتى إن بعض مستشفيات الأورام شهدت أزمات كارثية بسبب نقص هذه الأدوية؛ ما أدى لتهديد حياة عشرات الآلاف من المواطنين ومن بينهم الأطفال، فضلاً عن إغلاق بعض مراكز غسيل الكلى بسبب نقص المستلزمات الطبية اللازمة.

جهاز الخدمة الوطنية

وفي مايو 2017، أعلن محافظ الانقلاب بالبحيرة محمد سلطان عن إسناد إنشاء البورصة السلعية للخضر والفاكهة لجهاز الخدمة الوطنية، التابع للقوات المسلحة، وذلك خلال كلمته بمؤتمر إعطاء إشارة البدء لإنشاء البورصة السلعية فى مركز بدر.

وتسببت تلك السياسة، على مدار السنوات الماضية، في إضعاف الشركات والمصانع ذات الطابع المدني، فضلا عن هروب العديد من المستثمرين الأجانب إلى خارج البلاد.

عودة إلى البطاطس

وفي سياق إخراج أزمة البطاطس التي يديرها العساكر، والتي يريدون بها إلهاء الشعب باستمرار في مشاكل البطاطس والطماطم وغيرها، لكي لا يفكروا في مشاكلهم الحقيقية (غياب الحريات ونهب أموالهم وتراجع رواتبهم).

ويمكن قراءة مشهد تظاهرات البطاطس وفق عدة دلائل، أهمها:

أولا: الطوابير التي يريدها العسكر، هي طوابير البطاطس والطماطم، أو طوابير الجوع والفقر والخراب لأن حكم العسكر يعني الجوع والفقر والمرض، أما طوابير العزة والحرية في انتخابات حرة فقتلت ودهست تحت جنازير الدبابات.

ثانيا: أزمة البطاطس مثل باقي أزمات السكر ولبن الأطفال “مفتعلة” لشغل الشعب في دوامة الأزمات، وإقناعه أن الوحيد القادر على حلها وكلمة السر هو الجيش، وانضمت له الشرطة في بيع البطاطس واللحوم والخضراوات.

ثالثا: إيقاف الشرطة المصريين في طوابير لشراء البطاطس ووضع حواجز حديدية للتحكم في الزحام وتشبيه هذا بطوابير انتخابات 2012، وادعاء لجان الانقلاب أن “طوابير البطاطس كانت أكثر من طوابير الانتخابات”، هدفه تشويه ثورة يناير وتسفيه فكرة الانتخابات الحرة، وتُشكل إهانة كبيرة للشعب المصري الذي خرج في ثورة ووقف في طوابير الانتخابات لينهي هذا العفن، فانتهي به الحال مع الانقلاب ليقف في طوابير لبيع البطاطس الرخيصة.

رابعا: الطوابير دليل على اتساع حجم إفقار الانقلاب للشعب واضطرار غالبية المواطنين للبحث عن أي وسيلة للتحايل على الغلاء.

خامسا: تبييض وجه الداخلية القبيح، حيث اهتمت وسائل الاعلام الانقلابية بالنشر المكثف في صحف وفضائيات الانقلاب حول تدخل الشرطة لإنقاذ الشعب من الغلاء، وجاء بالتزامن مع التعتيم على مذابح الشرطة ضد الأبرياء، وقتل 21 شابًا في أسبوع واحد في طرق أسيوط الصحراوية ووصف القتلى بأنهم إرهابيين.

سادسا: البلطجة ديدن الجيش والشرطة، حيث أدارت سلطة الانقلاب الأزمة بطريقة الاستيلاء على البطاطس (السرقة) من كبار التجار ومن ثلاجات تصدير البطاطس المعدة للتصدير لأوروبا بدعاوى التخزين، (مثلما صادرت سكر مصنع بيبسي بنفس الطريقة الهمجية)، ثم نقلتها إلى أقسام الشرطة ومنافذ بيع الشرطة لبيعها بسعر 6 جنيهات للتقرب من الشعب بشعار (كلنا واحد) وأنها ترفع عنهم الغلاء.

سابعا: ظهر جليا استغلال المؤسسات الدينية في هذه الأزمات بطريقة سيئة تشوه هذه المؤسسات، مثل فتوى أن محتكري البطاطس “مطرودون من رحمة الله”، كأن الهدف هو تشويه وإضعاف المؤسسة الدينية بتوريطها في فتوى السلطة!.

ثامنا: غياب الزراعة وحضور الداخلية، كما أطلقت يد الأجهزة الرقابية الإدارية لمصادرة البطاطس من الثلاجات، رغم أن هذا لا علاقة له بوظيفتها الفعلية، وبيع الشرطة أيضا للبطاطس واختفاء دور وزارة الزراعة يثير تساؤلات حول التخبط في قيام أجهزة الدولة بمهامها الفعلية أو أنهم اكتشفوا أن البطاطس أمن قومي!.

تاسعا: كالعادة إعلام الانقلاب ينسب الأزمة للإخوان كعلامة على فشله، ومذيع الانقلاب توفيق عكاشة، يزعم أن جماعة الإخوان وراء ارتفاع أسعار البطاطس، بسبب قيامها بتخزين جزء كبير من المحصول لتعطيش السوق ومضاعفة الأرباح وحرمان المواطنين من سلعة استراتيجية مهمة.

عاشرا: وبحسب مراقبين فإن نهج الانقلاب يمثل خطرا على مصر، حيث إن حلول الانقلاب دائما قمعية ووقتية تقوم على مصادرة السلع، حتى إذا ما انتهت الأزمة انتهى تدخل السلطة بدلا من طرح أفكار وخطط مستقبلية استراتيجية لعدم تكرار الأزمات.