م. نبيه عبدالمنعم يكتب عندما تحكم الحمير !!

م. نبيه عبدالمنعم يكتب عندما تحكم الحمير !!

إذا وجد الحمار كنزاً فهو لا يفرح به إلا إذا كان حملاً كبيراً من التبن أوالبرسيم ، أما لو كان ذهباً فلربما دخل وخرج عليه ورآه عشرات المرات لكنه لن ينظر إليه إلا على أنه يضيق عليه الحظيرة ويشغل عليه مكاناً يمكن أن ينام ويتمرغ فيه .

وإذا تعقد حبل الحمار بعقدة بسيطة يكاد يختنق منها لكنه لا يستطيع فكها ولا التعامل معها ،إنما يظل يجذب الحبل بقوة فتشد عليه العقدة وهو على وضعه وطريقته فى حل الأزمة البسيطة التى يستطيع أى طفل صغير التعامل معها .

وقوة الحمار لا تعنى فى هذه الحالة أنه قد يستطيع حل العقدة وإنما ربما تصبح قوته عاملاً سلبيا فى زيادة تعقيدها أكثر وأكثر ،بل إن قوته تعنى عنده مزيداً من الرفس والعض لمن يمكن أن يتسلل ليحل عقدته وينقذ الموقف .

والحمار يمتلك صوتاًعالياً منكراً يخيل إليك حين تسمعه أنه غاضب مستفز يمكن أن يقلب الدنيا وينسف الجبال ثم حين ينتهى من النهيق يعود الى وضعه بمنتهى البساطة وكأن شيئاً لم يكن .

وهو رغم صوته العالى إلا أنه ليس عنده جديد ولا ابداع إنما هو صوت متكرر على نفس النمط ،يظهر عليه الحماس الشديد وكأنه يحتج على شئ ما أو يرفض ما هو فيه أو يريد شيئا مهما ،ثم تكتشف أن كل هذا الحماس والصوت العالى ليبدى اعجابه بحمارة تسير فى الجانب الآخر من الطريق ،فى الوقت الذى لا يصدر صوتاً ولا يتململ إذا زاد عليه الحمل أو منع عنه الطعام او ظل حبيس الحظيرة سنوات طويلة .

والحمار لم يتعود العيش إلا على حالتين اثنتين لا ثالث لهما ،إما مربوطاً فى الحقل أو الحظيرة لا يستطيع التقدم الا بما يسمح له طول الحبل وبعده عن الوتد ،وإما طليقاً لكنه مركوب يسير أينما وجهه من يركبه دون تفكير، وحتى حين ينزل من عليه من يركبه ويتركه أو حين يحاول الهرب فإنه لا يفعل شيئاً إلا أن يذهب للحظيرة ويدفع بابها برأسه ويقف فى مكانه وسط الروث والمخلفات منتظراً أن يأتى من يربطه .

والحمار لا يرفع رأسه لأعلى أبداً فمستوى النظر عنده دائماً أقل من المستوى الأفقى ، فهو لا يرى أكثر مما تحت أقدامه ومترين إلى الأمام لا أكثر، فهو يعيش لحظته ولا يفكر فيما هو قادم لأنه لا يراه أصلاً ولا يملك عقلاً للتفكير فيه .

وقد تعود الحمار على الطاعة العمياء لمن هو فوقه ولو كان طفلاً صغيراً فهو يتحرك وفق إرادته إن كان يميناً او شمالاً ولا تعلو همته ولا يتخلى عن بلادته الا بالتلويح له بالعصا .

وحين تحكم الحمير المكان يتحول بالتأكيد بمرور السنين إلى حظيرة كبيرة لا ترى فيها إلا الروث والمخلفات ولا تسمع فيها إلا صوت النهيق العالى الذى يستطيع أن يعلوا ويطغى على جميع الأصوات مع أنه مجرد نهيق .

وشيئاً فشيئاً بمرور السنين يستحيل العيش فى مكان تحكمه الحمير ولا تجد الأغلبية العظمى بداً من ترك المكان تباعاً ، فمن الذى يستطيع إقناع الحمير أن تستوعب أن هنا اسوداً ونمور وهنا ذئاباً وضباع وهنا أفيالاً وهنا غزلان وزرافات وهنا ثعالب وهنا حيات وعقارب وهنا أحصنة أصيلة ، وأن لكل خصوصيته وحسنانه وسيئاته وأن الكل يجب ان يعيش .

وعندما تحكم الحمير فهى لا تنظر لأنفسها على أنها حمير ولكنها تعتبر أنفسها أحصنة ما دامت تشبه الأحصنة وما دامت وضعت حدوة فى أقدامها كالأحصنة وزينت برادعها من الأمام بالنجوم والأشرطة وكأنها أحصنة صالت وجالت فى الميادين وخاضت حروباً وحققت بطولات واستحقت ألقاباً حتى وإن كانت لم تخض فى تاريخها حرباً ناجحة ولم تحرز انتصاراً ،لكن الثعالب الماكرة من حولها تزين لها ما تفعل وتصغق وتهلل لها ما دامت مستفيدة .

وعندما تحكم الحمير لا يبقى فى المكان إلا الثعالب التى تستطيع خداعها والحيات والعقارب والسحالى والصراصير التى تعجبها بيئة الحمير النتنه وتعتبرها مكاناً مثالياً للعبش فلا هى تشكل خطراً على الحمير ولا الحمير تحس تجاهها بالخطر .

ولكن على الكل أن ينتبه !!

حينما تتحكم الحمير وتحكم لا يجب أن يقال هذا حاكم متغلب والخروج عليه فتنة ،وإنما هذا حمار يحكم يأخذنا الى مصير مجهول ومظلم ، يجب على الجميع أن يتحدوا مهما كانت الخلافات والاختلافات لفداحة الخطب وعظم المصيبة وخطورة الأوضاع ، فلا أحد فى أمان والحاضر معهم مظلم والمستقبل أكثر ظلاماً .

م. نبيه عبدالمنعم يكتب كافر وفاسق ومبتدع !!

من قال لك إن أحداً فى الإخوان المسلمين رماه بكلمة من هذه الكلمات فاعلم أنه إما كاذب وإما خلط بين أحداً من غير الإخوان والإخوان .

فلقد تربى الإخوان على الوجل والخوف من هذه الكلمات أو رمى الناس بها ولو كان أشد العصاة ما دام مسلماً .

مسلماً وحسب بصرف النظر عن مذهبه أو رأيه الفقهى أو عن معاصيه أو عن موقفه السياسى أو اتجاهه الفكرى .

وذلك اقتداءاً بالنبى صلى الله عليه وسلم فى مجتمع المدينة حيث لم يقل على عبدالله ابن أبى انه كافر ولم يعلن أسماء المنافقين على الملأ مع ما جروه على دولة الاسلام فى عهد النبى وبعده من كوارث ، حيث أن كل الكوارث تهون فى سبيل ألا يختلط الأمر على الناس ويتم اتهام مسلم واحد بالكفر خطأ ، فهو استحلال لدمه وعرضه .

ولقد عاد عبدالله ابن أبى بثلث الجيش فى أحد ورمى وأصحابه السيدة عائشة ام المؤمنين بالفاحشة ، وأوقع بين المهاجرين والأنصار فى غزوة المريسيع حتى كادوا يقتتلوا إلا ان كل ذلك لم يدفع النبى لإعلانه كافراً ولا أحد من أصحابه المعروفين للنبى بالإسم .

والمنطلق الثانى الذى انطلق منه الإخوان المسلمون والذى انطلق منه النبى صلي الله عليه وسلم من قبل ، هو قوله تعالى ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )
ما دفعهم للإنشغال بأنفسهم ومعاصيهم وعلاقتهم بربهم ودعوة الناس بالحسنى وهم لا يظنون فى أنفسهم الأفضلية على أحد وإنما فقط هم مهمومين بدعوة الناس من منطلق أن هذا باب من أبواب الحسنات ومهمومين بإعلاء شأن الإسلام من منطلق أن هذا فرض عليهم وعلى غيرهم .

أما الحكم على الآخرين وتصنيفهم حسب معاصيهم وأقوالهم والبحث فى سقطاتهم فهذا ليس شأنهم ولا يرونه لهم هدفا .

وأنا عن نفسى ولله الحمد لم أنطق بهذه الكلمات فى حياتى ودائماً ما ألتمس لغيرى الأعذار والتأويل والدعاء له حتى ولو كان خصماً فى أى مجال من المجالات .

ولقد ختم الأستاذ حسن البنا الأصول العشرين التى تعتبر تعريف بالخط الفكرى لدعوة الإخوان بالأصل الأخير ونصه ،(ولا نكفر مسلماً أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض ـ برأي أو بمعصية ـ إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر )

وإذا قرأت هذا النص السابق فإنك لن تجد مجالاً لتكفير أحد إلا ربما إذا أقر على نفسه أنه كافر وأكد على ذلك أما غير ذلك فباب التأويل على المحمل الحسن أو التماس الأعذار مفتوح .

وإننى أرى هذا الأمر من مقومات نجاح دعوة الإخوان المسلمين فى جمع الشمل أكثر من تفريقه وفتح الباب واسعا للحوار مع المخالفين وعودة الشاردين وتوبة العصاة بدلا من قطع طريق العودة عليهم وإعانة الشيطان عليهم وإرغامهم على التمادى فى البعد عن ربهم .
.
ولقد كان من الخناجر التى تم الطعن بها بقوة فى ظهر الإخوان من بعد الثورة وفى أيام الرئيس الشرعى هو ذلك الخطاب الذى كان يمارسه قصدا بعض الإسلاميين فى الاعلام وفى الشوارع حيث كانت تتم إستضافة الأخ عبدالمنعم الشحات كمتحدث رسمى للدعوة السلفية وغيره على الفضائيات ليتم سؤاله حول الشواطئ والتماثيل والنقاب والشارع والشريعة فيصدر خطاب التفسيق والتبديع لأغلب مكونات مجتمع يحتاح وقتا طويلا من الدعوة ليتغير .
.
كما انتشرت ما يسمى بفرق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتم تسويقها إعلاميا لتفزيع المجتمع وتم قتل ثلاثة وسحلهم بدعوى نشرهم للفكر الشيعى .
.
كل ذلك كان مكونا رئيسيا من مكونات الثورة المضادة من أول يوم بعد ثورة 25 يناير لم يكن الهدف منه إلا القضاء على الثورة وإفشال الإخوان بدليل انتهاء كل هذه الأشياء وتلك المزايدات وكأنها فص ملح وداب والتحول الآن الى خطاب جديد فى غاية اللطف والوداعة والتعامى . (فويل للمطففين )
(والله بما يعملون محيط )