100 عام تفصل وعد “ترامب” عن “بلفور”.. صدفة أم مخطط؟

100 عام تفصل وعد “ترامب” عن “بلفور”.. صدفة أم مخطط؟

كتب سيد توكل:

شن سياسيون ونشطاء هجوما عنيفا على القادة العرب، مؤكدين أن معظمهم وافق على نقل السفارة الأمريكية للقدس، ووصفوهم بالعبيد، منتقدين صمت الشعوب العربية في التعبير عن رفضها لهذا الإجراء.

كانت الصدمة التي تلقاها المسلمون أمس الأربعاء ببيان ألقاه الرئيس الأمريكي الصهيوني دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو الصهيوني، وأعاد ترامب إلى الأذهان وعد “بلفور” الشهير عندما أعطى من لا يملك من لا يستحق.

ففي الـ2 من نوفمبر عام 1917 كتب وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور رسالة إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء اليهود في بريطانيا، قال له فيها إن الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين.

سميت تلك الرسالة الشهيرة بوعد بلفور، وكانت إيذانًا بإعلان كيان العدو الصهيوني الذي حدث عام 1948.

مئة عام مرت على وعد بلفور فيما يحصد التاريخ نتائجه حتى الآن، حيث أعلن الصهيوني ترامب إعلان القدس عاصمة مغتصبة لليهود، وكما خط بلفور اسمه على الرسالة، تناقلت الشاشات ووسائل الإعلام خط ترامب لاسمه على قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، إيذانًا بمرحلة جديدة في الصراع العربي الصهيوني.

وكما شدد الصهيوني بلفور في رسالته على “ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين”، كرر ترامب الحديث نفسه حيث قال “القدس يجب أن تبقى مكانًا يصلي فيه اليهود، والمسيحيين، والمسلمين”.

الحكام عبيد ترامب
ورغم مرور مئة عام على وعد بلفور إلا أن الأذهان لم تنسه حتى الآن، وقال الإعلامي السوري والمذيع بقناة “الجزيرة” الدكتور فيصل القاسم في تدوينات له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر” رصدتها “الحرية والعدالة”:

“صدقوني معظم الحكام العرب بصموا بالعشرين على نقل السفارة الأمريكية الى القدس، لكنهم يحاولون الظهور أمام شعوبهم على أنهم يعارضون هذه الخطوة.. بكل الأحوال العبيد لا تستطيع أن ترفض أوامر السيد”.

وأضاف في تغريدة أخرى متسائلا: “كم عدد العرب الذين خرجوا إلى الشوارع عندما تأهلت بعض الفرق العربية إلى كأس العالم.. وكم عدد الذين سيخرجون من أجل القدس.. خليها مستورة”.

يشار إلى أنه وسط خنع عربي لا مثيل له طال حتى الشعوب، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء الاعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة في قرار تاريخي يطوي صفحة عقود من السياسة الأميركية، ويتوقع أن تؤجج تلك الخطوة الصراع في المنطقة، ويطالب الفلسطينيين بالمدينة عاصمة لدولة مستقلة معترف بها دوليًا على أساس حدود 1967.

وجه أمريكا القبيح
من جانبه أكَّد الشيخ يوسف سلامة، خطيب المسجد الأقصى، أن قرار الرئيس الأمريكي قرار جائر وظالم يرفضه الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وترفضه الأمة العربية والإسلامية، وهذا الخطاب كشف وجه أمريكا القبيح، ويشابه إلى حد كبير وعد بلفور المشؤوم، «يوم أعطى من لا يملك من لا يستحق» ونحن نرد على الرئيس ترامب ونقول: “إن مدينة القدس هى مدينة عربية إسلامية وستبقى لأنه لا قيمة لفلسطين بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون المسجد الأقصى المبارك، وقد كانت وما زالت وستبقى مدينة عربية إسلامية إلى يوم القيامة”.

وأضاف فى تصريحات صحفية أن الشعب الفلسطينى لن يسمح بتمرير هذا القرار الجائر فقد جمع الفلسطينيين شملهم ووحدوا كلمتهم لأن قضية القدس تجمع الفلسطينيين كما تجمع أبناء الأمتين العربية والإسلامية، ونحن رأينا جميعا وقفة المقدسيين فى منتصف شهر يوليو الماضى عندما قررت قوات الاحتلال تركيب الكاميرات الخفية والبوابات الإليكترونية، كيف وقف المقدسيون وخلفهم كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين أدوا صلواتهم فى شوارع وأزقة القدس وأجبروا سلطات الاحتلال على رفع هذه البوابات وإزالة الكاميرات.

وأضاف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى التى تعتبر الحليف الأقوى لأمريكا فى المنطقة حاولت المساس بالقدس بتغيير المناهج وأسماء الشوارع لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل، لأن القدس تحتل مكانة مميزة فى نفوس العرب والمسلمين، كيف لا وفيها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثانى المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، فيها التاريخ الإسلامى العريق الذى يزرع نفسه بقوة فى كل شارع من شوارعها وفى كل حجر من حجارتها وفى جميع أزقتها ومبانيها حيث تحتضن الحضارة العربية الإسلامية.

مصير وعد ترامب
وتابع: “القدس هى العهدة العمرية التى أرسى قواعدها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ونشر العدالة والتسامح والمحبة، أن المسلمين عبر تاريخهم المشرق لم يهدموا كنيسة ولم يعتدوا على أحد وبالتالى هم يرفضون المساس بقبلتهم الأولى وبمسرى النبى “محمد”- عليه الصلاة السلام، وبالبقعة الوحيدة على وجه الأرض التى شهدت عقد قمة حضرها الأنبياء والمرسلون من “آدم” إلى “محمد” -عليهما الصلاة والسلام- يوم صلى بهم “محمد” إماما فى ليلة الإسراء والمعراج، من المسجد الأقصى فى قلب القدس سيعلن إسرافيل عليه السلام قيام الناس للحساب كما قال تعالى فى سورة «ق»: {واستمع يوم ينادى المنادى من مكان قريب}، قال ابن كثير فى تفسيره المنادى هو إسرافيل عليه السلام والمكان القريب هى صخرة بيت المقدس.

وأضاف: “لقد لفظت مدينة القدس المحتلين عبر التاريخ فالتتار الذين عاثوا فى الأرض فسادا وقتلوا الخليفة فى بغداد كانوا نهايتهم فى فلسطين بجوار القدس فى عين جالوت عندما جاء قطز والظاهر بيبرس على رأس جيش من أرض الكنانة ليحرروا هذه الأرض المباركة، وفى القدس انتصر صلاح الدين على الصليبيين الذين أهلكوا الحرث والنسل، وبجوار مدينة القدس فى عكا وقف نابليون بونابرت الذى احتل بلاد الشام وشمال أفريقيا فاشلا أمام احتلال مدينة عكا، فلقد لفظت مدينة القدس المحتلين عبر التاريخ وستلفظ هذا المحتل وعلى الأرض المباركة ستتحطم جميع المؤامرات التى أعلن عنها ترامب ومن يسير فى ركبه على الأرض المباركة، فالقدس مدينة عربية إسلامية بقرار ربانى فهى آية من القرآن يوم جعلها الله تعالى توأما لمكة المكرمة، وجعل الأقصى توأما للمسجد الحرام بمكة”.