م. نبيه عبدالمنعم يكتب تعلمنا منهم عبادة العجل وتعلموا منا الصبر

هل سألت نفسك لماذا لم تكمل اسرائيل هجومها فى 67 وتحتل القاهرة والأردن وقد كانت على بعد ساعة من القاهرة وقد فر الجيش المصرى وتاه فى صحراء سيناء . فتحقق بذلك حلمها فى اسرائيل من الفرات الى النيل ؟؟!!

لم تفعل إسرائيل فقد كانت تعلم أن الأمر ليس مجرد مصر وأن المسرح ليس مهيئا بعد وأن إمكاناتها وإن كانت تسمح من ناحية القوة المباشرة إلا أن مستقبل الأبام محفوف بالمخاطر .

لم تفعل إسرائيل ولقد صبرت حتى أصبح لها رئيس فى مصر وأغلب الدول العربية يقتل لها ويعتقل لها ويجمع أموال وثروات شعبه لها . دون أن تخسر جنودا ولا عتادا .

ولقد صبرت حتى أصبحت تقتل الملايين من شباب أعدائها بالسرطان من بذورها وأدوية الحاصلات الزراعية وهم يدفعون ثمن استيراد أمراضهم من أموالهم .

هؤلاء هم اليهود . صبروا على شتات فى كل الدنيا لآلاف السنين .

و صبروا صبرا طويلا بعد مؤتمر بازل عام 1898 الذى وعدهم بوطن قومى واسرائيل الكبرى . فإذا هم بعدها بثلاثين سنة وبدلا من أن يتقدموا أقيمت لهم المذابح فى أوروبا وألمانيا وكتب عليهم شتات جديد .
لكنهم لم ييأسوا ولم يتوقفوا ولم يتهموا هيرتزل بانعدام الرؤية وصبروا حتى أصبحوا يحكمون العالم .

وهؤلاء هم اليهود أنفسهم الذين لم يصبروا بعد خروجهم من البحر ساعات حتى عبدوا العجل ثم قالوا أرنا الله جهرة . ثم قالوا اذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون .

تعلموا سلبياتهم من القرآن وتجنبوها .

وعرفوا أن العاقبة لمن صبر وتعرفوا أخطاء أجدادهم .

وهؤلاء نحن نريد نصرا عاجلا وإلا تصورنا أن الله تخلى عنا ونريد فوزا دون أخذ بالأسباب ولا نتصور أن الزمن والصبر جزء من الأسباب .

هؤلاء هم المسلمون حين أتاهم من يريد ان ينتشلهم من الفقر والجوع فى زماننا قالوا أوذينا من قبل ان تأتينا ومن بعد ما جئتنا . ثم وضعوه فى السجن واستبدالوا الذى هو أدنى بالذى هو خير وفساد أخرتهم ودنياهم بصلاح آخرتهم ودنياهم .

أيها الكرام . اليهود هم اليهود فى كل زمان لكنهم تعلموا دروسا فى لحظة استثنائية فانتصروا مؤقتا . والمسلمون هم المسلمون الموعودون بالنصر لكنهم نسوا ربهم ونسوا الثبات والصبر والاخذ بالأسباب فى لحظة استثنائية فتراجعوا .

تحدث لنا الواقعة فنفكر تفكير المراهقين بدلا من تفكير العقل والمنطق وحسابات الربح والخسارة والإعداد والإستعداد .

اذا ضربنا أحدهم على وجوهنا يتجه تفكيرنا فورا الى رد الضربة على وجهه بصرف النظر عن مكسبنا وخسارتنا على المدى البعيد . تغرينا الانتصارات المؤقته فنظن التمكين تم ونحن لا زلنا فى اول الطريق .

نعتقد أن عدونا هو مجرد الرجل الذى مد يده وضربنا فنضع كل همنا وخططنا وتفكيرنا فى ضربه والانتقام منه ونتناسى أنه مجرد يد لغيره أكبر منه تمتلك ملايين الايدى مثله .

إن قطعناها استبدلها بيد جديدة أشد بطشا .

أمم ودول وأنظمة واموال مستقرة لقرون طويلة نظن أنفسنا بمجرد تنظبمنا نستطيع أن ننهى المسألة فى بعض سنين أو حتى قرنا من الزمان .

لقد تعهد الله للحق بالإنتصار وانتصر فى كل مرة ولكن بعد جهد ووقت ولو ظل ثلاثمائة عام فهى مجرد ليلة كما هى ليلة أهل الكهف .