منظمات المجتمع المدنى وصحة المواطنين – دراسة حالة

منظمات المجتمع المدنى وصحة المواطنين – دراسة حالة

دراسة يقدمها د. مصطفى جاويش “خبير واستشاري مصري”

للإطلاع <<<<<<<<<<<<<<<<

 

#نقابة_اطباء_مصر
#التهاب_كبدى_B
لنقابة العامة للأطباء وأكبر مشروع تطعيم جموعى فى مصر ضد فيروس كبدى Bمنذ عام 1992
خبر عابر تم نشره فى صحيفة الاهرام القاهرية بنهاية عام 19899 شد انتباه مجلس نقابة الاطباء بمحافظة دمياط الساحلية فى مصر ؛ كان محتوى الخبر حول انتشار فيروس اللالتهاب الكبدى ” B ” فى مصر بنسبة كبيرة بلغت 13% وقتها بحسب الصحيفة .
وبحسب منشورات منظمة الصحة العالمية :
• التهاب الكبد من النمط BB هو عدوى فيروسية تصيب الكبد ويمكن أن تتسبب في أمراض حادة ومزمنة على حد سواء.
• ينتقل الفيروس من خلال ملامسة دم الشخص المصاب أو سوائل جسمه الأخرى.
• يندرج التهاب الكبد من النمط B في عداد الأخطار المهنية الهامة المحدقة بالعاملين الصحيين.
• إن بالمستطاع الوقاية من التهاب الكبد من النمط B بتلقي لقاح مأمون وفعال متاح حاليا.
ونظرا لأهمية المرض وخطورته خاصة وأن الاطباء من أكثر فئات المدتمع تعرضا للعدوى من مجرد وخز ابرة جراحية اوملامسة بضع نقاط من دم مريض مصاب بالفيروس ، فقد اهتمت النقابة بدراسة كيفية الوقاية العدوى ، وهل توجد تطعيمات خاصة به ام لا ، واين توجد ، وكم التكلفة وأمور اخرى كثيرة حول كارثة بدت جوانبها مجهولة لنا وقتها . تم تفويضى بالسفر الى هيئة المصل واللقاح بالقاهرة والتفاوض باسم مجلس النقابة للحصول على التطعيم الواقى من الالتهاب الكبدى الفيروسى B
كان المتعارف عليه وقتها هو تطعيم الشخص السليم فقط واستبعاد من يحمل الفيروس لاحتياجه للعلاج وليس للتطعيم ، ووسط ترجيب رائع من المسئولين بالمصل واللقاح تم الاتفاق على سحب عينات الدم من الاطباء بدمياط وارسالها الى المعامل بالقاهرة للتحليل المجانى وبدء المشروع فورا ، مع خصم خاص لأعضاء النقابة ، وتم ترتيب اجتماع بينى وبين مسئول اللقاح بالشركة المصرية لتجارة الادوية بكورنيش النيل بجوار معهد ناصر وطلب الكميات اللازمة لاطباء دمياط وهى ثلاثة جرعات لكل طبيب بحسب جدول معتمد من منظمة الصحة العالمية ….
وبدأ المشروع فى محافظة دمياط مع بداية عام 1990 .
فى البداية كان الاقبال ضعيفا ، ولكن مع استمرارية المشروع ، وبدأ الندوات والمؤتمرات بالنقابة بحضور كبار اساتذة الطب ، زاد اقبال الاطباء وتم التطعيم بمعرفة لجنة من الاطباء ، بعد توفير جميع احتياجات سلسلة التبريد والتحكم فى العدوى والتخلص الامن من النفايات تحت اشراف ادارة الطب الوقائى بمديرية الصحة بالمحافظة لضمان الجودة فى تقديم الخدمة . واستمر المشروع ليشمل جميع اعضاء نقابات المهن الطبية بدمياط والهيئات التمريضية ، وتم توسيع الدائرة لتشمل جميع من يرغب من أسر الاطباء … وتم التنفيذ بهدوء وكفاءة وفعالية و نجح المشروع واصبح جاهزا للدراسة والتقييم .
النقابة العامة للأطباء تبدأ اكبر مشروع فى مصر للتطعيم الجموعى ضد فيروس الالتهاب الكبدى B :
مع بدايةعام 19922 تبلورت الفكرة فى النقابة العامة لأطباء مصر ، وشرفنا فى دمياط باستقبال لجنة برئاسة الاستاذ الدكتور يس عبد الغفار استاذ امراض الكبد وعضوية الاستاذة الدكتورة مؤمنة كامل استاذة التحاليل الطبية ومعهم اعضاء آخرين من مجلس النقابة العامة ، حضروا لدراسة التجربة وتقييمها ، والاعداد لمشروع شامل لعموم أعضاء نقابات المهن الطبية بمصر .
تمت دعوتى بعدها لحضور اجتماعات اللجنة بالقاهرة حيث اوضح الاستاذ الدكتور يس عبد الغفار ان تحليل الدم قبل التطعيم غير ضرورى من الناحية العلمية ، بالاضافة الى أن المشروع يشمل شريحة مستهدفة كبيرة الحجم . وبدأت الخطوات التنفيذية والتفاوض مع الشركات العالمية مثل شركة ميرك شارب وشركة بيتشام لتوريد التطعيم بحسب شروط الجودة المعتمدة والسعر لمناسب ، وقامت النقابة العامة باستخراج إذن استيراد خاص بها بهدف تقليل التكلفة على الاطباء لأقل قيمة ممكنة ، وبدأ حملة تطعيم كبرى لجميع اعضاء نقابات المهن الطبية والمهن المعاونة على مستوى جميع المحافظات بجودة عالية وتكلفة بسيطة فى متناول الجميع .
” حقنة الزلزال ” ودور نقابة الاطباء :
بدأ فكرة التطعيم ضد فيروس الالتهاب الكبدى BB تنتشر فى مصر ، وأخذت الطابع الرسمى حين قررت وزارة الصحة اضافة التطعيم الى جدول التطعيمات الاجبارية للاطفال الرضع ابتداء من شهر اكتوبر 1992 .
وشاء الله تعالى ان يضرب القاهرة زلزال مدمر بنهاية شهر اكتوبر 19922 ، وسرت بين الناس اشاعة ان الزلزال نشأ عنه وباء وأنه يوجد تطعيم فى المصل واللقاح بالعجوزة يقى من خطر هذا الوباء ، واسمها ” حقنة الزلزال ” .
توافدت جماهير المواطنين على ميدان الدقى حيث منفذ تطعيمات هيئة المصل واللقاح واشتد الزحام بطريقة فجائية لم يتوقعها أحد … وفى حين كانت لجنة الاغاثة الانسانية بنقابة الاطباء تعمل بين المواطنين لمواجهة آثار الزلزال فى المناطق المنكوبة بالجيزة والقاهرة ، كانت مشكلة ” حقنة الزلزال ” تضرب بوزارة الصحة وتضعها فى حالة من الارتباك الشديد نحو إدارة الازمة ،
هنا تدخلت النقابة العامة الاطباء وعرضت امكانية فتح مركز تطعيم بدار الحكمة بشارع قصر العينى بوسط القاهرة لتطعيم الجماهير ومساعدة الحكومة فى مواجهة الازمة …. كان الرد الحكومى حاسما بالرفض القاطع والتهديد بسحب اذن استيراد التطعيم من النقابة اذا حاولت تطعيم المواطنين …. وبعدها تمت مصادرة جميع اموال وأصول لجنة اغاثة الانسانية بالنقابة لأنها نزلت للشارع وسط الجماهير وقدمت مساعدات إغاثية غذائية وطبية ، وخيام لضحايا الزلزال .
نقابة الاطباء ونشر وسائل الوقاية من العدوى بين المواطنين :
واستمر مشروع التطعيم ضد الالتهاب الكبدى BB وانتشر ليشكل حائط صد رئيسى وهام ضد انتشار هذا المرض الخطير فى مصر ، لتبدأ بعدها الخطوة الهامة والاساسية نحو نشر الثقافة الصحية وتوفير وسائل الوقاية من الالتهاب الكبدى B بين المواطنين وشملت :
• ندوات ونشرات تثقيفية لأصحاب صالونات الحلاقة والعاملين بالمقاهى .
• عقد دورات تدريبية بالنقابات الفرعية ومنح شهادات معتمدة لمن اجتاز التدريب بنجاح ، ووضعها بمكان ظاهر بالمحلات كوسيلة ضمان جودة للتحكم فى العدوى ضد اللاتهاب الكبدى ب .
• توفير مستلزمات التحكم فى العدوى بأسعار فى متناول الجمهور.
أهمية المشاركة المجتمعية ودور منظمات المجتمع المدنى :
وحيث أنه توجد حاليا ضجة اعلامية هائلة حول مشروع تعتزم الدولة البدء فيه باجراء مسح صحى شامل حول اعداد المصابين بفيروس كبدى C ، وحيث أن المشروعات الميدانية لابد لها من مشاركة مجتمعية واعية وفاعلة لضمان نجاحها ، ومن واقع الاحداث ودراسة حالة,واقعية ، وبيان مدى الجهد الذى بذلته نقابة الاطباء بوصفها احدى منظمات المجتمع المدنى فى مصر فى الوقاية من مرض خطير والتحكم فى انتشار العدوى به ، مما يؤكد على اهمية دور منظمات المجتمع المدنى ،
فى حين يتضح للمراقب مدى الوضع الكارثى فى مصر حاليا حيث تم التحفظ على أكثر من ألف جمعية خيرية ومنظمة مجتمع مدنى ، ثم مصادرة أموال عدد كبير منها ، وبالتالى فقد تم حرمان المواطنين من خدمات وبرامج ومساعدات مجانية كان لها دور كبير فى تخفيف المعاناة عن المواطنين ، فى حين تعلن الدولة كل فترة عن حالة ” العوز” ، والفقر ونقص مصادر التمويل