مذكرات الدعوة والداعية

حكى لنا الدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله أنه ذهب إلى مكان في أقاصي إفريقيا،حيث لم يكن يتخيل أن أحدا من الدعاة سبق إلى هناك، وانطلق يدعو الناس فيها إلى الإسلام كعادته رحمه الله..
ووصل في هذه البلدة إلى بحيرة صغيرة تفصله عن مقابر قديمة على الشاطئ الآخر من هذه البحيرة..
فسأل:
مقابر من هذه؟
فقالوا: هذه مقابر قديمة منذ مئات السنين، لذلك لا يقربها أحد مخافة أن تكون ملآى بالحيات والهوام والعقارب..
فألح عليهم أن يذهبوا به لحاجة في نفسه،فأبوا خوفا عليه..
فاستأجر رجلا منهم عبر معه البحيرة، ودخل معه المقبرة…
فإذا هي قبور قديمة جدا لأناس يبدو أنهم فعلا ماتوا ودفنوا فيها منذ مئات السنين…
قال الدكتور:
فبينا أمشي في المقبرة، وقعت عيني على قبر بسيط قديم جدا مكتوب عليه:

İSLAM DÖNEMİNİN EN ÖNEMLİ MÜHÜRLERİ ŞANLIURFA’NIN BEYKAPISI MAHALLESİN'DEKİ BİR EVİN BAHÇESİNDE BULUNDU. YAKLAŞIK BİN 210 YILLIK MEZARIN SAHABE YAKINLARINA AİT OLDUĞU TAHMİN EDİLİYOR. (İHA/ŞANLIURFA-İHA)
صورة ارشيفية

هذا قبر فلان بن فلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم..
قال:فهالني ما رأيت، وهزني القبر وصاحبه كثيرا…وأنا الذي كنت أحسب أنني سبقت الخلائق إلى هذا المكان داعية إلى الله، فإذا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سبقوني إليه بلا طائرات ولا سيارات!!
والأعجب أنه كان صحابيا وحيدا في منافي الأرض جاء هاهنا وحده، وبذل حياته لله وحده، ومات بعيدا عن أهله لكنه مات قريبا من ربه!!
هزني الشيخ حينئذ بقصته وكلماته،فقد هالني ما نحن فيه من كلام،وما كانوا عليه الصحابة من عمل..
آلمني زعيق حناجرنا، ورصيص كلامنا مع قلة أعمالنا مقارنة بكثرة نواتجهم مع قلة مؤنتهم وندرة معينيهم..
آآآه من لوعات التندم وحسرات التوجع يوم العرض حين يأتي الناس ومعهم الصحاري والبلاد والعباد يشهدون لهم، ونأتي نحن بصحائف ليس فيها شيء!!
رحم الله الصحابة الذين ماتوا أغرابا في سبيل الله…
ورحم الله الدكتور السميط الذي ظل وراءهم حتى مات وفي أنفه غبار في سبيل الله كغبارهم..
وسامح الله أقواما بعدهم لا زالوا يتلكؤون حتى أوشكت قوافل العز أن ترحل وليس فيها أسماؤهم!!
رب سلم سلم.