لماذا يستولي الجيش على مصانع ويتنازل السيسي عن شركات بالبورصة؟

اتجاه جديد يسعى من خلاله نظام الانقلاب العسكري للتخلي عن دوره تجاه المواطن، تاركًا إياه لتقلبات الأسواق وتوازناتها التي تتجه نحو الاحتكار، والتشدق بالحرية الاقتصادية التي ترفع أسعار السلع لأعلى مستوياتها بلا رقيب ولا حسيب.
ولعلَّ الغريب والمثير في الأمر أن الحكومة التي تمثل مصالح الشعب، تتخلى بشكل متسارع عن الشركات والمصانع التي تُنتج ما يمثل عماد حياة المواطن، بينما شركات الجيش تسيطر وتبتلع الشركات الخاصة والأسهم بالبورصة، لتوسيع إمبراطورية الجيش الاقتصادية.
فقبل يومين، أثار إعلان هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال بحكومة السيسي، عن نية الوزارة زيادة مشاركة القطاع الخاص لأكثر من 50% بشركات القطاع العام، وتحويل تبعية الشركات من الحكومة للقطاع الخاص، مخاوف من موجة جديدة قادمة من الخصخصة.
وبذلك تفقد الحكومة قدرتها على إجبار الشركات المساهمة بالتسعيرة الجبرية التى تفرضها على شركاتها، ويتحكم القطاع الخاص بمرونة الأفكار الاستثمارية وتقييم أسعار منتجاتها، وفقا للتكلفة الإنتاجية ومتطلبات السوق
وتستهدف الحكومة، خلال الربع الأخير من 2018، زيادة نسبة التداول على أسهم 5 شركات في البورصة، هي الشرقية للدخان، والإسكندرية لتداول الحاويات، والإسكندرية للزيوت المعدنية “أموك”، وأبو قير للأسمدة، ومصر الجديدة للإسكان، وذلك وفق إذعان الحكومة لشروط صندوق النقد الدولي.
وبالتوازي مع توجه الحكومة نحو الخصخصة عبر برنامج الطروحات في البورصة، والمتوقع التخلي عن 4 من كُبريات الشركات قبل يونيو 2019، وتقليل نسبتها الحاكمة في الشركات المملوكة للدولة، يستحوذ الجيش على 3 مصانع حديد ويوسّع قبضته الاقتصادية، وكأنه دولة خارج إطار الدولة، له معاييره وقواعده وتوجهاته المستقلة، وهو ما يؤكد تعهد السيسي سابقا بالحفاظ على مال الجيش وعرق الجيش وخير الجيش، أما المواطن فعليه التقشف وتحمل تغيُّرات الأسعار وتطوراتها.
فقد كشفت مصادر بشركة “حديد المصريين” التي يمتلكها رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، عن أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش استولى بالشراء، خلال الأيام الماضية، على 95% من أسهم الشركة التي تسيطر على 22% من إنتاج الحديد بمصر
وقالت المصادر، إنه تم الاتفاق على استمرار أبو هشيمة في إدارة الشركة حتى تنتهي كل عمليات البيع والنقل خلال الفترة المقبلة.
يأتي هذا بعد استحواذ القوات المسلحة على مصنعي “#صلب_مصر” للجارحي عام 2016 و”#بشاي_للصلب” مايو 2018، نتيجة تعرض مالكي الشركتين لضغوط كبيرة من قبل البنوك لتسديد المديونات المستحقة عليهم.
وقال اقتصاديون، إن الجيش باستحواذه على هذه الشركات يكون قد امتلك 50% من سوق إنتاج الحديد بمصر، بالإضافة إلى السيطرة على سوق الإسمنت من خلال مصنع #بني_سويف، والآخر مصنع إسمنت الجيش بـ #العريش.
وقال الخبير الاقتصادي فكري عبد العزيز: إن سيطرة الجيش على هذه المشروعات يهدف إلى السيطرة على مفاصل الاقتصاد المصري، وهو ما يمثل خسارة للقطاع الخاص، كما أنه يمثل خسارة أكبر لموازنة الدولة، في ظل الإعفاءات التي يحصل عليها الجيش من الضرائب والجمارك، وحصوله على أراضي الدولة بالمجان، وعمالة بدون مقابل.
‌‌‏وهكذا يتضح البون الشاسع بين توجهات اقتصاد دولتي الجيش ومصر، حيث يجري النهب المنظم لاقتصاد الشعب لصالح اقتصاد اللواءات غير الخاضع للرقابة، ولا يعمل إلا لتحصيل الأموال وفقط.