قوانين تكميم الأفواه.. انتبه فالسيارة ترجع إلى الخلف

قوانين تكميم الأفواه.. انتبه فالسيارة ترجع إلى الخلف

 18_09_17_04_36_83266
أغلق الصحف وحجب المواقع واعتقل المئات من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لتهديد الملايين، وتكميم أفواههم، وجعل من مؤسسات الدولة التي يخول لها الدفاع عن حرية الرأي، مسخًا ومتحدثًا باسم انقلابه.. وما زال عبد الفتاح السيسي يبحث عن باقي الأبواب المواربة التي ينفذ من خلالها الغاضبون للتعبير عن غضبهم، وذلك بهدف إغلاقها.
هكذا يطمئن الطغاة، ويصور لهم استبدادهم أن الطريق للسيطرة على الحكم والاستمرار على كرسي العرش، سبيله تكميم الأفواه وغلق منابر التعبير، وحبسها، إلا أن التاريخ يثبت دائمًا أن شرارة أي غضب تأتي من مصادرة حرية الإنسان التي وهبها الله له، رغم القوانين والتشريعات التي يحاول فرضها النظام في أي مكان، والتي تتحول في نهاية الأمر إلى معول يكسر به الأسرى قيودهم، ويهدمون بها سجون الاستبداد.
وبالرغم من إدراج سلطات الانقلاب لكل الصحفيين المعارضين للنظام على قوائم الإرهاب، لتخويف العاملين في مجال الإعلام ومحاولة حصار العمل الصحافي في مصر وتسخيره لخدمة النظام فقط، حتى أن القائمة التي نشرتها الجريدة الرسمية، ضمت 1536 شخصية بينها 28 إعلاميًا، كما تم إدراج 15 إعلاميًا من قبل فيما عرف بقضية رابعة، رغم أن المحكمة برأت عددًا كبيرًا منهم، فضلاً عن حبس حوالي 100 صحفي، وسجن أخيرًا الصحفي هاني صلاح الدين، مدير تحرير اليوم السابع، بناء على بلاغ كيدي وتهمة كاذبة، وهي التظاهر، رغم نفي نقابة الصحفيين ذلك في بيان رسمي.
images (3)(8)
إلا أن السيسي مازال يحمل في جعبته الكثير تجاه الحريات في مصر، والتي من بينها عدد من القوانين والتشريعات التي تكمل الإطار التشريعي نحو مزيد من التضييق والقمع، ومن المقرر أن تناقش هيئات الإعلام، وبرلمان العسكر، في دور الانعقاد الثالث في أكتوبر المقبل، قوانين حريّة تداول المعلومات، وقانون مواجهة “فوضى التواصل الاجتماعي”، وقانون الجرائم الإلكترونيّة، فضلاً عن قانون تنظيم الصحافة والإعلام.
قوانين مشبوهة
ووتقدم المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بمشروع قانون لتداول المعلومات إلى حكومة الانقلاب وبرلمان العسكر، كما أن لجنة الثقافة والإعلام أعلنت أنها بصدد الانتهاء من قانون تنظيم الصحافة والإعلام.
وقال نقيب الصحفيين السابق، يحيى قلاش، إنّ “الصحفيين في مصر تحولوا لمندوبي المعلومات، نتيجة تأثّرهم بترسانة القوانين أو منع تداول المعلومة”.
وأضاف قلاش، في تصريحات صحفية سابقة، أنّ الصحفي يعاني ليحصل على المعلومة وبعد نشرها يتحمل مسؤوليتها بالكامل. لافتًا إلى أنّ المصريين هم روّاد مهنة الصحافة وعلى الرغم من ذلك فقد سبقتنا الدول الأخرى في حريّة تداول المعلومات.
وقال قلاش إنّ مشروع قانون تداول المعلومات ليس من أولويات الحكومة، على الرغم من كونه قانونا مُرتبطا بتنمية الدول وديمقراطيتها.
وأضاف أنه بناء على التجارب السابقة، فإنّ مشروع قانون حرية تداول المعلومات يتحوّل لمشروع قانون حجب المعلومات، مطالبًا نقابة الصحفيين أو على الأقل الجمعية العمومية أن تتدخل في مناقشة المشروع ووضعه، باعتبار أنه “لا يمكن صدور مثل هذا القانون دون حوار”.
أما بشأن قانون “فوضى التواصل الاجتماعي”، فقال الصحفي والباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، إنّه “لا شكّ أنّ حالة إرهاب العاملين بالإعلام والتضييق على الحريات العامة وتقليص مساحات التغطية والمعالجة، هي الفلسفة الحاكمة في كافة التشريعات السالفة الصدور سواء قانون مقاومة الإرهاب وقانون تنظيم الهيئات الإعلامية اللذان صدرا في غيبة أصحاب الشأن من الصحفيين والإعلاميين”.
وأكد أبو زيد، أنّه برصد السوابق التشريعية؛ فسيكون هناك عدة ملاحظات أبرزها “التوسع في العقوبات والمنع والحجب وتضييق مساحات الإبداع والتنوع في ظل حرص الدولة على تحويل المنظومة الإعلامية لمنظومة علاقات عامة تابعه للدولة لا سلطة رابعة للرقابة الشعبية كما نص الدستور”.
images (4)(4)
وأثار سعي الانقلاب لتكميم الأفواه والتضييق على الصحافة والصحفيين أسئلة حول دواعي التصعيد في هذا التوقيت بالذات، ومدى فعاليته في إحكام قبضة السلطات المصرية على الإعلام في ظل ثورة المعلومات التي سهلت كشف ممارسات الأنظمة الدكتاتورية حول العالم.
وأكد الكاتب الصحفي وائل قنديل أن الهدف وراء إصدار هذا القانون هو “تكميم الأفواه”، وأوضح أن المستهدف به هو “إعلام التواصل الاجتماعي” لأن الإعلام النمطي واقع تحت سيطرة السلطة التي تسعى بدورها للسيطرة على الإعلام البديل المتمثل في تويتر وفيسبوك.
وحذر قنديل في تصريحات صحية، من أن إدارة السيسي تعاقب وفقا للقانون الجديد بالحبس والغرامات من يتداول معلومات على شبكات التواصل الاجتماعي لا تعجب النظام الانقلابي، وأن القانون يعطي وزارة الداخلية مسؤولية مراقبة ما ينشر على شبكات التواصل ورسائل الهاتف النقال النصية.