في موسم التنسيق.. نظام العسكر ينحاز لبيزنس الجامعات الخاصة

مع بدء إعلان نتائج الثانوية العامة، يترقب الطلاب خلال ساعات انطلاق ماراثون تنسيق القبول بالجامعات، وسط مخاوف من ارتفاع النسب المئوية للالتحاق بكليات القمة. وكالعادة انتعش بيزنس التنسيق خلف أسوار الكليات، إذ انتشر سماسرة المراكز التعليمية أمام الجامعات لاستقطاب الطلاب بأساليب مبتكرة فى الإقناع، بعضها وهمى، والآخر يلعب على وتر الخوف من غدر التنسيق.

وتراوحت تسعيرة الكورس بين 100 و300 جنيه فى اليوم الواحد، حيث تعتبر هذه الكورسات بالنسبة لهم بمثابة بوابة للالتحاق بالكليات الفنية والرياضية، بينما يقول مسئولو وزارة التعليم العالى بحكومة الانقلاب إنه تم التنسيق مع الجهات الأمنية لمواجهة هؤلاء السماسرة، ولن يُسمح لأحد منهم بالاقتراب من مكاتب التنسيق.

ويتهم خبراء تربويون الوزارة بالتسبب في انتشار الأكاديميات ومراكز التدريب الوهمية، بعد إلغاء المراكز النظيرة لها بالجامعات الحكومية، مشيرين إلى أن الطالب عادة ما يقع فريسة البحث عن حلم كلية نوعية. لكن الأخطر هو انتعاش بيزنس الجامعات والمعاهد الخاصة، حيث وصلت المصروفات إلى أرقام فلكية فى غيبة من رقابة وزارة التعليم العالى، حتى إن رسوم سحب «الأبليكيشن» أو ملف التقديم أصبحت «سبوبة» هى الأخرى، فى الوقت الذى يقول فيه المسئولون عن هذه الجامعات، إن المصروفات وفق ما حدد المجلس، ورسوم سحب ملفات التقديم، ما هى إلا «مصروفات إدارية»، وسط اتهامات بأن الجامعات الخاصة أصبحت «الابن المدلل» لوزارة التعليم العالى ونظام العسكر.

رفع رسوم الأبليكشن بالجامعات الخاصة

وتشهد الجامعات والمعاهد الخاصة حاليًا تكدسًا من جانب الطلاب وأولياء أمورهم، للاستفسار عن القواعد الخاصة بالقبول ومعرفة قيمة المصروفات الدراسية لمختلف الكليات، وسحب ملفات التقديم وملء الاستمارات، لضمان حجز أماكن لأولادهم بكليات القمة بالجامعات الخاصة، ضمن طابور «الانتظار»؛ نظرا لتخوفهم من تدنى مجاميع أبنائهم فى الثانوية العامة، وارتفاع نسب مجاميع الالتحاق بكليات القمة بالجامعات الحكومية.

وقال مصدر مسئول بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، إن هناك أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة تقدموا بطلبات حجز أماكن فى الجامعات الخاصة، من الطلاب المصريين والحاصلين على شهادات الثانوية العامة فى دول الخليج، فيما سادت حالة من الغضب بين المتقدمين لبعض الجامعات؛ بسبب ارتفاع رسوم ملء الاستمارات من 600 جنيه إلى 1200 جنيه لكل الكليات.

وقال الدكتور محمد عطية، رئيس جامعة 6 أكتوبر: «إن الجامعة تُحصل 1200 جنيه رسوم ملء الاستمارات والتسجيل بقوائم الانتظار لجميع الطلاب المصريين الدارسين، داخل مصر أو خارجها، وفقاً لما حدده مجلس أمناء الجامعة»، واصفا إياها بأنها «رسوم إدارية خاصة بالجامعة».

وأكد «عطية»، أن مصروفات الكليات لا تزيد على النسبة المقررة من قبَل الجامعات الخاصة للفرق المستجدة أو القديمة.

نفس الأمر تكرر في الجامعة البريطانية وجامعة الأهرام الكندية، التي قررت زيادة المصروفات 05% لعدد من الكليات للطلاب المستجدين، و10% لعدد من الكليات الأخرى، بينما بقيت المصروفات الدراسية للفرق القديمة بدون زيادات، وفق ما حدده مجلس الجامعات الخاصة.

المصروفات نار

من ناحية أخرى، أبدى عدد من الطلاب وأولياء أمورهم استياءهم من رفع الجامعات الخاصة رسوم سحب ملفات التقديم «الأبليكيشن»، مؤكدين أنها أصبحت «سبوبة وبيزنس» للجامعات الخاصة، خاصة أن الجامعة تحدد لكل كلية ملفا يتم سحبه إذا رغب الطالب فى التقدم إليها.

وقال الطالب حسام محمد: إنه يرغب فى الالتحاق بإحدى كليات الصيدلة أو طب الأسنان بالجامعات الخاصة، وذلك بعد معادلة مجموعه الذى حصل عليه فى دولة الكويت ليصل لـ99.4% (علمى علوم)، مشيرا إلى أنه فوجئ بتعنت عدد من الموظفين فى تيسير إجراءات تقديم أوراقه، هو وغيره من الطلاب، بحجة أن هناك خطأ ما فى المعادلة.

وأضاف «محمد» أنه فوجئ هذا العام بارتفاع تكاليف جميع كليات القمة عن باقى الأعوام الماضية، والتى تراوحت ما بين 60 ألف جنيه لـ85 ألف جنيه، مشيرا إلى أنه سدد 1200 جنيه رسوم حجز فى جامعة 6 أكتوبر، وملء استمارة «الأبليكيشن»، ودفع 600 جنيه بجامعة مصر.

وقالت الطالبة علياء محمد، الحاصلة على الثانوية العامة من السعودية بمجموع 95%، إنها جاءت للتقديم والاستعلام عن أسعار مصروفات الكليات وفوجئت بارتفاع تكاليفها، بالإضافة إلى ارتفاع مصروفات التسجيل لأكثر من 600 جنيه لكل طالب فى سحب استمارة التسجيل بكل كلية، مضيفة أن هذا النظام بالعديد من الجامعات الخاصة مثل جامعة «أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، ومصر للعلوم، وسيناء، و6 أكتوبر، ونيو جيزة»، وقالت: «أسعار مصروفات الجامعات الخاصة نار».

وتبلغ مصاريف جامعة 6 أكتوبر، لكلية الطب “65” ألف جنيه، والهندسة “33” ألفا وطب الأسنان “49.5” ألفا، والإعلام “18” ألفا، وكلية الاقتصاد والإدارة “إنجليزي” “26” ألفا. وفي جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بلغت مصاريف كلية الطب “70” ألفا، والهندسة “35” ألفا، والصيدلة “42” ألفا.

من جهته، علق الدكتور وائل كامل، عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، على ما سبق في تصريحات لصحيفة “الوطن”، قائلاً: إن الجامعات الخاصة أصبحت بالنسبة لوزارة التعليم العالى «الابن المدلل»، مشيرا إلى أنه لا توجد أى معايير رقابية وحاكمة على عدد كثير من الجامعات الخاصة من قبَل القائمين على الأمر، وأن الطلاب وأولياء أمورهم أصبحوا فريسة بالنسبة لهذه الجامعات.

وأشار «كامل» إلى ضرورة أن تكون هناك رقابة صارمة على الجامعات والأكاديميات الخاصة من ناحية تحديد مصروفاتها الدراسية؛ وذلك حتى لا يقع الطالب المتوسط وغير المقتدر فريسة للكيانات الوهمية أو الجامعات الخاصة، مطالبا بتحقيق العدالة الاجتماعية أمام الجميع.