سيد قطب.. الشهيد الفذ

الكاتب: د. محمد القدوسي

“سيد قطب” يمثلنا، و”الدجوي” يمثل حكم العسكر، فإن لم تستطع أن تكون سيد قطب حاذر أن تكون الدجوي، إذ ليس أسوأ من جريمة إعدام الشهيد سيد قطب (29 من أغسطس 1966) إلا تبرير هذه الجريمة والدفاع عنها.

سيد قطب علم من أعلام الثقافة الإنسانية، شيد ـ بما أخطأ وبما أصاب ـ مشروعا فكريا فذا. وحسبك أن جمال عبد الناصر، الذي اعتقله ثم قتله، كان يسميه “جان جاك روسو ثورة يوليو”.

الثورة التي قال عنها سيد قطب في حفل أقامه مجلس قيادتها لتكريمه في أغسطس 1952 “خروج الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام.

ولقد كنت في عهد الملكية مهيئا نفسي للسجن في كل لحظة، وأنا في هذا العهد مهيئ نفسي للسجن ولغير السجن أكثر من ذي قبل”. فقاطعه عبدالناصر “أخي الكبير سيد،

والله لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا جثثا هامدة. ونعاهدك باسم الله بل نجدد عهدنا لك. أن نكون فداء لك حتى الموت”!

وحسبك أيضا أن “سيد قطب” هو من عرف القراء بنجيب محفوظ مزيحا الستار عن أكبر مشروع في الرواية العربية، وأن عميد كلية “دار العلوم” د. مهدي علام، أول من اكتشف وقدم الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل، قال عن سيد قطب “لو لم يكن لي تلميذ سواه لكفاني ذلك سرورا وقناعة… وإننى أعد سيد قطب مفخرة من مفاخر دار العلوم”.

أما الفريق محمد فؤاد الدجوي فهو الحاكم الإداري لقطاع غزة أثناء العدوان الثلاثي في 1956، الذي وجه، في 14 من نوفمبر 1956، رسالة طلب فيها من قائد قوات الاحتلال الإسرائيلي العقيد عساف سمحون قبول الاستسلام غير المشروط له ولجميع الإداريين في غزة والقطاع كله.

وبعد هذا الاستسلام الجبان والمهين، طلب من الصهاينة أن يستأصلوا كيسا دهنيا لزوجته في تل أبيب (وهي جراحة بسيطة ويمكن تأجيلها سبق أن رفض الدجوي إجراءها على يد الأطباء المصريين في غزة، كأنه كان يعلم بقدوم العدو)، ثم وقف أمام عدسات تليفزيون العدو مشيدا بعدالته ورحمته، وهو ما تناقلته شاشات غربية، وكتب مؤسس أخبار اليوم مصطفى أمين أنه أخبر عبد الناصر به، فقال له إنه يعرف، وإنه سيحاكم الدجوي.

لكن الدجوي لم يحاكم، بل عين في مايو 1957 رئيسا للمحكمة العسكرية العليا، وظل في منصبه حتى 1967،

ليوقع في 21 من أغسطس 1966 الحكم بإعدام سيد قطب، الذي أملاه عليه عبد الناصر، بتهمة أنه كان يتآمر عليه أثناء وجوده في المعتقل، فانظر من يحاكم من، وانظر أي تلفيق يرتكبون.