اخوان
عاكف

رسالة أستاذ عاكف الاخيرة لإخوانه (منقولة)

هذه رسالة غالية من أحد الشباب من داخل العقرب عن آخر ما دار بينه وبين الأستاذ مهدى عاكف رحمه الله. ….

(حين جئت إلى الدنيا منذ ٢٧عاماً ولم أعلم أن الأقدار ستجمعنى فى سجن وأحد مع الرجل الذى أذاق الإنجليز المحتلين لبلادنا الويلات والذى وقف مجاهداً أمام اليهود الغاصبين لأرض فلسطين عام ١٩٤٧
إنه شيخ المجاهدين أ/مهدى عاكف والذى أشار إلى بيده كثيراً (فى وضع القبضة )كلما مررتُ عليه يومياً فى مستشفى ليمان طره وهو جالس على كرسيه المتحرك شامخاً يأبى إلا أن يتجلد أمام الظالمين رغم الأمراض الكثيرة التى داهمته فى هذا السن الكبير قائلاً (يا ولدى يا خليل كيف حالك وكيف أحوال الوالدة سلملى على كل إخوانك …….إجمد يا خليل)
من الممكن أن تقف طويلاً عند قوله تعالى
(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وما بدلوا تبديلا)
ولكن الوقفه لابد أن تكون أعمق وأكثر تأثيراً فى نفسك ؛إذا وجدت هذا الصنف من الرجال المنتظرين على هذا السبيل ماثلاً أمامك
أسعى إلى الوصول إليه فيمنعنى السجان وفى كل محاوله يأمرنى أستاذنا بالإنصراف لتفويت الفرصه على السجان بأفتعال الصدام معى
إلا فى اليوم الذى سبق فى علم الله أنه سيكون اللقاء الأخير
اللقاء الذى يحمل فيه الشاب وصية الشيخ لكل الأجيال ؛ففوجئت يوم الخميس بصوته الجهور ينادى (يا خليل يا ولدى ….تعالى أدخل عايزك ضروورى )وكان على مسافه عشرين متراً فأقتربت منه وبيننا سلك من حديد وعدد من المخبرين يحاولون منعى من الكلام معه؛ فقال أدخل متسمعش كلامهم تعالى( يا خليل عايزك يا ولدى)وفقدت وقتها كل شعور بمن حولى ؛فتوجهت إلى الباب وبدأ التدافع من الحراس وأنا أسمع صوته (يا ظلمه سيبوه يسلم عليا تعالى يا ولدى متخلهمش يمنعوك)كانت ثورته عارمه يلوح بعكازه………
يدعو ربه بالنصر والفرج القريب ….
فبدأ النور جلياً من دُجى الليل العصيب ؛
فنجحت بالوصول إليه ونزلت على ركبتى مُقبلاً ليده ورأسه فحاول المخبرون أخذى فإذا به يضربهم بعكازه قائلاً (اللى حيمد أيدو عليه هكسرها …سيبوه معايا شويه) نعم إنها الهيبه و الإجلال .
وجدت دموعى على خدى فى الوقت الذى صّوب نظره إلى عينى فأنتبهت إلى كلماته التى لا زال صداها لا يفارقنى
كلمات وقعت فى صدرى وسكنت بين أضلعى إنها وصية لنا جميعاً قال :

أنتم على الحق

 طريقكم من نور

 التفوا حول قيادتكم

 ستخرجون

ستفتح بكم الدنيا

بلغ إخوانى السلام

ووضع يده على رأسي مره وعلى كتفي مرة أخرى وقال (لا تبكِ) ثم عادت أصوات السجانين مرة أخرى إلى أذنى ويبدو أنهم لم يتوقفوا عن الكلام لحظة ولم يغيبوا
بل أنا الذى كنت غائياً عنهم حاضراً مع أستاذى
فترجانى أحد الشاويشه أن أخرج (علشان مينضرش)وقبل أن يرد عليه شيخى قلت (لا …لن أخرج حتى يأمرنى هو)ووضعت يدى على ركبته قائلاً(سأنفذ ما تريد ……ماذا تطلب منّى؟)قال أنا أطمئننت عليك عُد الى مكانك أنا كدا مرتاح
قلت له (خلينى معاك شويه)قال لا إذهب الأن
فأخذت أقبله على يده ورأسه ونظرت إلى من حولى ينظرون لا يحركون ساكناً كأن على رؤوسهم الطير وتعلوهم علامات الحزن والفشل ثم تركت أستاذنا لأعلم بعد ذلك أنه تم نقله بعد ساعات إلى خارج السجن …… إلى مستشفى المنيل حيث توفى إلى رحمة الله تعالى
فكانت هذه اللحظات هى اللحظات التى جمعتنى كأخر فرد من أفراد الإخوان المسلمين يلتقى بشيخ المجاهدين ويحمل عنه هذه الوصيه بل هذه الأمانة التى أديتها لكم كما سمعتها وحفظتها
وأسأل الله أن أسير فى هذا الطريق باذلاً روحى فداءً لدينى .
واضعاً يدى فى يد كل مخلص غيور

اللهم بلغت …..اللهم فأشهد