د.حسن نافعة لـ”التقرير المصري”: لا أستبعد انقلابًا على السيسي ضمن سيناريوهات متوقعة

=نظام السيسي الأسوأ على الإطلاق ولم أر نظامًا بوحشيته
=لم نكن نتوقع هذا التراجع.. والمعارضة في ضعف يثير الشفقة
=نراهن على الانتخابات بشرط نزاهتها والثورة خيار صعب الآن
=  “الإخوان” هي المعارضة الحقيقية ويمكنها العودة للسلطة 
= وجود أبو الفتوح بجبهة تضامن مهم لكن هناك تيار رافض لأي اسلامي 
=رفضت قمع التيار الإسلامي ورابعة مذبحة يجب محاسبة مرتكبيها
=مع أي دعوة للاصطفاف والمعارضة بالخارج تسير على قدم واحدة
حوار: مازن المصري

توقع د. حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن يكون هناك انقلاب عسكري على عبد الفتاح السيسي، مؤكدا وجود أجنحة بالسطة والمؤسسة العسكرية رافضة لممارساته، وذلك ضمن عدد من السيناريوهات التي تتنظر مصر، مستبعدا خلالها خيار الثورة في الوقت الراهن، ومعتبرا إياه الخيار الأصعب، وراهن على الانتخابات بشرط أن تكون نزيهة، وأن تتوحد المعارضة.

ووصف نافعة- في حوار خاص لـ”التقرير المصري”- نظام السيسي بأنه الأسوأ الذي تمر به مصر، وأنه الأكثر توحشا وفشلا وقمعا، ولم يتوقع أن يكون التراجع بمصر يصل لهذا الحد بعد تولي السيسي السلطة.

وقال نافعة: إن جماعة الإخوان هي المعارضة الحقيقية حتى الآن رغم ما تتعرض له، متوقعا وصولها للسلطة مرة أخرى، واصفا المعارضة المدنية بأنها في أسوأ حالاتها، وتثير الشفقة والضحك معا، بسبب تشرذمها وتفرقها وعجزها عن مواجهة السيسي ونظامه. وإلى تفاصيل الحوار.

السيناريو القادم

=برأيك ما هو السيناريو القادم الذي ينتظر البلاد؟

هناك ثلاثة سيناريوهات، وتتمثل في الانتخابات والثورة والانقلاب على السيسي، لو تناولنا كل سيناريو على حدة، سنجد أن سيناريو الانتخابات هو الأفضل من وجهة نظري؛ لأنه الأكثر أمانا وهذا صعب، لأنه لا يتوقع أن تكون هناك انتخابات نزيهة وشفافة، ويبدو أنه يتم محاولة إبعاد كل مرشح حقيقي أو منح فرصة معارضة حقيقية، بحيث تصب في صالح مرشح بعينه وهو السيسي، وفي المقابل هناك معارضة ضعيفة لم تستطع لم شتاتها بعد، ولم تستطع أن تقدم مرشحا ينافس بشكل حقيقي في هذه الانتخابات، وبالتالي هذا السيناريو يتعرض لتهديد حقيقي ربما يقود إلى فشله.

=وماذا عن السيناريو الثاني؟

السيناريو الثاني هو الثورة، وهذا سيناريو أصعب لأنه لم تعد توجد بيئة حقيقية للثورة، سواء بسبب القبضة الأمنية، أو عدم وجود طليعة ثورية حقيقية تحرك الشارع والأغلبية الصامتة، فضلا عن عدم تحقيق أهداف ثورية حتى الآن، الأمر الذي لا يجعل الشارع يتفاعل مع أي دعوات ثورية خاصة الكتلة الصامتة.

=يبقى السيناريو الثالث وهو الانقلاب على السيسي وعملية تغيير من داخل النظام؟

هذا سيناريو وارد في ظل الأداء السيئ للسيسي والفشل الواضح في كل الملفات، والتخوف من أي تطورات فجائية من قبيل ثورة جياع يعقبها فوضى، وبالتالي يمكن لعقلاء المؤسسة العسكرية أن يتحركوا في هذا الاتجاه، ولكن هذا مرتبط بعدة أشياء، منها مدى وجود نخبة عسكرية واعية لما يجري، أيضا مدى قدرة هذه المجموعة على التحرك ونفوذها داخل الجيش، وفي المقابل حجم سيطرة السيسي على المؤسسة وإحكام قبضته عليها من عدمه.

 

= يبدو أن الثلاثة سيناريوهات المطروحة صعبة التفعيل إلى حد كبير.. ما البديل؟

البديل أن يستمر الوضع الحالي على ما هو عليه، وإجراء انتخابات شكلية، وهذا معناه استمرار مصر في أزمتها ومعاناتها، ولا ندري إلى أين ستصل بنا الأمور إذا استمر هذا الوضع الصعب.

= ألا تدرك المعارضة خطورة المرحلة وأين هي مما يجري بمصر؟

بالتأكيد المعارضة تدرك ذلك، ولكنها محشورة في خندق إيديولوجي لا تستطيع الفكاك منه، وهي أقرب إلى معارضة الصالونات، وفي بعض الأحيان تثير الضحك والشفقة، والمعارضة الوحيدة المنظمة حتى الآن هي جماعة الإخوان المسلمين رغم ما تتعرض له، لأنهم لديهم قدرة على العمل السري يمكنهم من استعادة أنفسهم سريعا، وأن يحافظوا على كيان التنظيم مهما تعرض لضربات.

أحوال مصر 

=كيف ترى أحوال مصر في هذه الفترة من وجهة نظرك؟

لم أجد مصر في حياتي في أسوأ مرحلة كما هو الحال بها الآن، حيث الأفق المسدود في كل شيء، سواء حرية التعبير أو التعامل مع المعارضين ووسائل الإعلام والصحافة وحرية الكتابة وصولا إلى إغلاق المكتبات، بل وصل الأمر إلى المنع من السفر أو التعامل بطريقة غير لائقة مع المسافرين كما حدث معي، من استجواب وتفتيش ذاتين بل واطّلاع على أجهزة الاتصال الخاصة بي، من موبايلات وخلافه والتفتيش فيها، وهذا تصرف يتجاوز كل الحدود، فلم يعد هناك أي خصوصية على الإطلاق.

=وهل هذا يعود إلى أحوال سياسية سيئة أم عدم كفاءة نظام؟

أعتقد أن هذا سببه عدم كفاءة النظام وتصرفه بغشم شديد، وليس بسبب الأحوال السياسية، فلم أر في حياتي نظاما مر على مصر بهذا التراجع في الكفاءة، وعدم الحس السياسي بهذا الشكل، فالأفق يكاد يكون مسدودا إن لم يكن مسدودا بالفعل، وهو أسوأ من نظام مبارك رغم كل فساده، ولكن كان لديه قدر من الرشد، وكان يعرف كيف يوظف الكفاءات لديه، ومتى يكون حادا وجافا، ومتى يكون لديه مرونة، على عكس ما يجري الآن تماما.

= وهل يمكن أن تستمر الأحوال بهذا الشكل؟

نظريا هذا الوضع لا يمكن استمراره، خاصة في ظل عدم كفاءة هذا النظام، الذي يمكن أن يرتكب أي حماقة تؤدي إلى نهايته، ولكن المشكلة أن هناك انسدادا في الأفق بالنسبة للمعارضة التي يمكن أن تكون بديلا لهذا النظام.

=وهل هناك معارضة يمكنها أن تعيد هذا النظام إلى رشده وتوقف ممارساته؟

حتى هذه اللحظة لا توجد معارضة حقيقية، وكل المحاولات التي تبذل في هذا السياق للأسف لا تنجح ويكون مصيرها الفشل، خاصة في ظل عدم قدرة هذه المعارضة على تحريك الشارع أو تقديم المرشح المنافس الحقيقي، وبهذا يمكننا القول إنه لا يوجد بديل حقيقي وقادر على تولي السلطة وإدارة شئون البلاد.

= ماذا عما يقال عن محاولات للمعارضة لطرح مرشح مدني ضد السيسي؟

هذا ما نتمناه، وأن تلملم المعارضة شتاتها، وتجمع أوراقها وتحاول أن تجد مرشحا قويا لمواجهة السيسي، وحتى إذا لم ينجح هذا المرشح، على الأقل تكون هناك معركة انتخابية حقيقية وتخرج المعارضة بوضع قوي يمكنها من معارضة حقيقية للسيسي حتى حال نجاحه، ولكن حتى هذه اللحظة الأمر أقرب إلى التشرذم منه للتوحد.

=وهل هذا معناه أن نظام السيسي سيستمر ويفوز السيسي بفترة ثانية؟

حتى الآن هذا صحيح على أرض الواقع، وهذا سيحدث لأن كل المؤشرات تقول ذلك، فالمعارضة ضعيفة كما أشرت، وهناك شعب غير قادر على الحركة، ونظام يمتلك الدبابة التي جاء بها، وهي التي تسيطر حتى الآن.

الانقلاب من الداخل

= وهل هذا يعني أنه لا أمل بالخلاص من هذا النظام إلا بانقلاب من داخله؟

هذا وارد ولا يمكن استبعاده، إذا رأى العقلاء داخل النظام والمؤسسة العسكرية أن هذا الرجل يمكن أن يقود البلاد إلى ثورة جياع، تؤدي إلى الفوضى لا محالة، هنا من الممكن أن يتحرك هؤلاء للحفاظ على البلاد من سيناريو مدمر، ولكن كل هذه تحليلات وليست معلومات، ولكن بالتأكيد هناك من يرفض ما يجري، ولكن التحرك يتوقف على حجم هؤلاء الأشخاص وتأثيرهم، وكذلك مدي سيطرة السيسي على المؤسسة العسكرية والتحكم في اتخاذ القرار بها.

= وهل يمكن القول إن هناك أجنحة داخل السلطة رافضة لممارسات السيسي؟

أعتقد أن هناك أجنحة في السلطة لا ترضى عما يجري بالبلاد الآن، وهي من الممكن أن تكون أجنحة مدنية وعسكرية، والمدنية تتمثل في النخبة القريبة من السيسي، وربما بعض المسئولين العسكريين، وكل هؤلاء يرفضون ما يجري، ولكن المهم هو توازن القوى بين هؤلاء وبين جناح السيسي.

= وكيف ترى نظام السيسي وأداءه؟

نحن أمام نظام يمثل لغزا كبيرا، وأن مشكلة النظام أننا أمام شخص ليس لديه أي مواصفات للكفاءة، فلا خبرة سياسية أو ممارسة سابقة تمكنه من أداء مهامه، وأنا شخصيا –حسب نافعة– عندي قدر من الذهول من حجم جهل وغرور النظام، ونحن أمام وضع شديد الخطورة، وأعتقد أن الشعب المصري خدع بشكل مكثف، حيث أعتقد أن لدى السيسي ما يقدمه له، ولكن هذا لم يحدث وتخلى الشعب عنه.

جبهة التضامن 

= وماذا عن جبهة التضامن التى يجري الإعداد لإعلانها باعتبارك أحد أعضائها؟

أنا لا أريد أن أتحدث عن كيان في طور التشكيل، حيث لا تزال الحوارات مستمرة، ولكن توجد مشاكل وصراعات، وكلما نتقدم خطوة للأمام نكتشف أن صراعات النخبة موجودة وهذا ما يعيق إعلان الجبهة.

= وهل هناك أطراف إسلامية تشارك في الجبهة من قبيل عبد المنعم أبو الفتوح أو آخرين؟

أنا شخصيا منفتح على أي تيار يؤمن بالديمقراطية، وأعتقد أن أبو الفتوح من هؤلاء المنفتحين على الديمقراطية، وأرى فيه جسرا بين التيار المدني والتيار الإسلامي، وبالمناسبة أنا منحته صوتي في الانتخابات الرئاسية 2012، وأنا متحمس له، ولكن هناك من يرفض وجود أي تيار إسلامي بالجبهة، وأنا لا أريد أن ندخل في صراعات مبكرة، وقبل توحيد التيار المدني، وبالتالي يمكن مناقشة أمر التيار الإسلامي لاحقا.

= وماذا عن جماعة الإخوان المسلمين تحديدا وموقف المشاركين في الجبهة منها؟

هناك أعضاء داخل الجبهة يرفضون وجود الإخوان بشدة، ولكن أعتقد أنه لوحدثت مراجعات داخل الجماعة وأعلنت انحيازها للديمقراطية وليس السعى للسلطة، أعتقد أن الوضع سيختلف، ولكن ما نسعى إليه هو توحيد المعارضة المدنية أولا، ثم الانفتاح على التيار الإسلامي لاحقا.

الإخوان والقمع والعنف والسجون

= كيف ترى ما تتعرض له جماعة الإخوان من قتل وقمع وسجن؟

أرفض كل ما تتعرض له جماعات الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي بشكل عام، ولا توجد دولة قانون تتعامل بهذا الشكل مع معارضين لها، وعليه أدين كل هذه الإجراءات، وأنا كتبت هذا عبر مقال لي بجريدة “المصري اليوم”، بعنوان “خواطر عن صديقي المعتقل “تحدثت فيه عن السفير محمد رفاعة الطهطاوي، وبعدها توقفت عن الكتابة بالصحيفة بسبب المضايقات التي تعرضت لها بعد هذا المقال، واستمرار هذا التعامل مع الإخوان من الممكن أن يؤدي إلى عودة الإخوان مرة أخرى، عبر ثورة ضد السيسي ولكنها ستكون دموية.

= على ذكر الدماء كيف ترى مذبحة رابعة الدموية؟

أرفض مذبحة رابعة جملة وتفصيلا، وعبرت عن ذلك كتابة، وطالبت بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في المذبحة، وإنزال العقاب بمن ارتكبها.

مذبحة رابعة

= وماذا عن التصفية الجسدية وأحكام الإعدام والإخفاء القسري؟

هذا شيء مرفوض بالطبع، ولم أشهد نظاما بهذه الوحشية، وتصفية الخصومة بهذه الطريقة، فضلا عن الأساليب الأخرى، من قتل وخطف بالشوارع وتكميم الأفواه وهدم منازل المعارضين، وهذا لم يحدث حتى في عهد مبارك بكل فساده وجبروته الأمني.
الاصطفاف الثوري

= وماذا عن دعوات الاصطفاف الثوري التي تطلق من آن لآخر سواء من الداخل أو الخارج؟

أنا أتجاوب مع أي دعوات للاصطفاف، وأي دعوة تحافظ على الوطن، وبالتالي عندما يتم توجيه دعوة أتجاوب معها بشكل شخصي؛ لأنني لا أنضم لأي حزب أو فصيل سياسي، وأدفع ثمن ذلك، حيث مهاجمة البعض لي لمجرد ظهوري في بعض القنوات ومنها “الجزيرة”، مما اضطرني لعدم الظهور، والاقتصار على قناة “الشرق” باعتبارها غير إخوانية.

=على ذكر الشرق وصاحبها أيمن نور.. كيف ترى دعوات نور للاصطفاف الثوري ومدى التجاوب معها؟

كما ذكرت أي دعوة تصب في مصلحة الوطن والحفاظ عليه أنا معها، ولكن مشكلة المعارضة الخارجية وأيمن نور واحد من رموزها، أنها تقف على ساق واحدة، بمعنى أنها تعتمد على الخارج وبعيدة عن الداخل والتفاعل معه، وهي بذلك تجد صعوبة في الإطاحة بالنظام، وطبعا الأصل هو الداخل والخارج يكون عاملا مساعدا، فضلا عن انتقاد المعارضة بالخارج لاعتمادها على دعم بعض الدول، وبالتالي عدم التجاوب معها.

= ولكنك وقعت على بعض بيانات الخارج ومنها الجبهة الوطنية المصرية مؤخرا التي يتزعمها أيمن نور

عندما أوقع على هذه البيانات، فأنا أوقع على المضمون، خاصة أنني مع أي اصطفاف يهدف للحفاظ على الوطن ويهدف لإسقاط النظام، ولكن ليس توقيعا على الآليات، ولا أعتبر نفسي من هذا الفريق أو ذاك، ولكن ما يحكمني مصلحة الوطن.