تمكين الحكومة بغزة.. “شيفرة الخداع” هل يكشفها الواقع؟

بشكل متسارع تخطو حركة “حماس” نحو المصالحة لتطبيقها بحذافيرها سعياً منها لتخفيف المعاناة عن سكان قطاع غزة؛ فمنذ اتفاق القاهرة الموقع في 12 أكتوبر المنصرم تمكنت الحكومة في كثير من الوزارات والهيئات والسلطات المحلية من تسلم مهامها.

في المقابل، لم تكفَّ حكومة الوفاق بوزرائها، أو قيادات حركة فتح عن ترداد مصطلح التمكين، والذي يرى مراقبون أنه محاولات “للبحث عن ذرائع” أو “شيفرة خداع” لأي تراجع مستقبلي عن خطوات المصالحة.

وينص اتفاق القاهرة على تسلم الحكومة مهامها بشكلٍ كامل في غزة بحد أقصى بتاريخ 1 ديسمبر المقبل، كما ينص الاتفاق على الانتهاء من إجراءات استلام معابر قطاع غزة بما في ذلك تمكين فرق السلطة من إدارة تلك المعابر بشكلٍ كامل، وذلك بحد أقصى يوم 1 نوفمبر الحالي، وهو ما تم فعلياً حيث تسلمت هيئة المعابر والحدود في حكومة التوافق المعابر في ذلك اليوم بإشراف وفدٍ مصري، وذلك دون بقاء أي موظف من موظفي غزة بناءً على طلب من رئيس هيئة المعابر نظمي مهنا.

حالة الوزارات

من خلال التقرير التالي يرصد “المركز الفلسطيني للإعلام” حالة جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تعمل في قطاع غزة، في إطار تمكين حكومة التوافق الوطني من القيام بمهامها في القطاع.

وحتى الأول من نوفمبر الجاري، بلغ عدد المؤسسات الحكومية التي تم تمكين حكومة الوفاق من إداراتها ومتابعتها 21 مؤسسة بإجمالي موظفين عددهم 29345 موظفا، وهو ما يقارب 96% من إجمالي الموظفين الذين هم على رأس عملهم في قطاع غزة.

قيد التسليم

وتبقت 11 مؤسسة قيد التسليم بواقع 1158 موظفا، وهو ما يمثل نسبة 4% من إجمالي الموظفين، ويشار إلى أنّ حالةَ قيد التسليم تعني عدم حضور الوزير أو رئيس الدائرة الحكومية من مدينة رام الله.

وبحسب ما علم “المركز الفلسطيني للإعلام”؛ فإنّ الحكومة لم تتسلم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيث لم يحضر الأمين العام لمجلس الوزراء لاستلام الأمانة العامة بغزة، بينما عقدت جلستان للحكومة منذ توليها إدارة مهامها، إحداها في القطاع والأخرى عبر الفيديو كونفرنس.

أما وزارتا الأسرى والشباب فحُوّلتا إلى هيئات في رام الله، وهو ما أخّر عملية تسليمهما، في حين لم تتسلم الحكومة جهاز القضاء “النظامي – الشرعي – النيابة العامة”، كما هو الحال مع المكتب الإعلامي الحكومي، حيث لا يوجد مكتب إعلامي لحكومة التوافق، وهو ما كان سابقا يسمى وزارة الإعلام.

كما لم تتسلم الحكومة ديوان الرقابة المالية والإدارية وديوان الموظفين العام، في حين كانت خلافات قد حدثت بشأن السياسات العامة حول مسؤولية سلطة البيئة بغزة أجّلت تسليم سلطة جودة البيئة.

تمكين وعقبات

وبحسب ما علمه “المركز الفلسطيني للإعلام”؛ فإنّ إجراءات التسليم تمت بسلاسة في الوزارات المذكورة، حيث تسلم وزير التربية والتعليم صبري صيدم وزارته بشكل جيد، وتم تجاوز العقبات في جميع القضايا، والتي كان أبرزها عودة المستنكفين وعددهم 150 موظفًا تم التوافق على حل ملفهم بالتوافق.

وفي وزارة الصحة تسلم الوزير جواد عواد بسلاسة، حيث لم يزر قطاع غزة سوى مرتين، في حين بقي ملف الموظفين المستنكفين عقبة وحيدة، حيث أرجئ النظر فيه إلى ما بعد قرارات اللجنة القانونية المختصة.

وشهدت وزارة الأوقاف أسلس عملية تسليم للوزير يوسف ادعيس، حيث لم تذكر أي عقبات في اللقاءات التي جمعته بموظفي الوزارة بالقطاع.

وتنتظر وزارة الداخلية إتمام إجراءات التسليم حيث حضر وكيل الوزارة في رام الله بصحبة 4 مدراء عامّين مستنكفين، وكانت الزيارة بروتوكولية، وبعدها لم يتم التواصل مع الوزارة بغزة.

وتسلم وزير المالية شكري بشارة وزارته بلا أي إشكاليات تذكر خلال زيارته الوحيدة إلى القطاع مطلع شهر أكتوبر المنصرم، كما جرى أيضاً مع وزير الزراعة سفيان سلطان إلا أنّ الأخير ارتأى تشكيل لجنة إدارة من الوزارة، وهو ما خالف به اتفاق القاهرة، حيث إنّ الوزارة بانتظار عملية التسليم.

ويغلب على طابع الوزارات أنّه جرى تسليمها بلا أي إشكاليات تذكر كما جرى مع وزير التنمية الاجتماعية إبراهيم الشاعر، كذا الحال مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علام موسى، وأيضاً مع وزيرة الاقتصاد عبير عودة، والتي كانت زياراتها للوزارة قصيرة حيث لم تتجاوز أكثر من 45 دقيقة.

ويبدو أنّ وزارة النقل والمواصلات من أبرز الوزارات التي سادها جو الهدوء والتوافق؛ حيث أصدر وزيرها سميح طبيلة أمس الاثنين، قراراً بتوحيد رسوم الترخيص بين قطاع غزة والضفة الغربية.

وفي وزارة الحكم المحلي اشتكى الوزير حسين الأعرج من عدم تطبيق الوكيل بغزة لبعض قراراته، حيث علم “المركز الفلسطيني للإعلام” أنّه تم تجاوز هذه الإشكالية وحلها بالتوافق فوراً.

وواجهت سلطة الأراضي أعقد الإشكاليات؛ حيث كانت أبرزها عدم وضوح الصلاحيات والمواقع، إلا أنّ ما علمه “المركز” أنّ هذه الإشكالية سيتم تجاوزها لدى عودة الوزير في زيارة أخرى لم تتم بعد.

وزير العدل علي أبو دياك طلب خلال تسلمه وزارته إعادة 15 موظفاً مستنكفاً، وهو ما تم الاتفاق عليه وجدولته وتنفيذه من خلال اللجنة الإدارية القانونية.

ولم تواجه سلطة الطاقة ووزارة السياحة والآثار أي إشكاليات في عملية التسليم، حيث تمكن ظافر ملحم رئيس سلطة الطاقة من تسلم مهامه بشكلٍ مقبول، فيما تمكنت رولا معايعة من تسلم وزارتها بشكل جيد وسلس.

وظفر وزير الثقافة إيهاب بسيسو باستقبال وإجراءات تسليم جيدة لوزارته بقطاع غزة، ولم تواجهه أي إشكاليات، وهو ما جرى أيضاً مع رئيس سلطة المياه مازن غنيم.

وفي ديوان الفتوى والتشريع، تسلم كمال إبراهيم الديوان بشكلٍ جيد، إلا أنّ بعض الإشكاليات حدثت، وتم التوافق على حلها أيضاً وفق قرارات اللجنة الإدارية والقانونية.

الملف الأمني

ورغم ما يرصده هذه التقرير من حقائق حول ما يطلق عليه “تمكين الحكومة”، إلا أن التصريحات المتتابعة من الحكومة أو قيادات من فتح، من شأنها أن تبقي حالة من الشكوك حول النوايا المستقبلية للسلطة الفلسطينيية في إتمام المصالحة على مبدأ الشراكة السياسية.

ويظهر ذلك جليا في تصريحات حول الملف الأمني بدأت تبرز، حيث قال رئيس الوزراء في بيان الحكومة اليوم الثلاثاء: لا يمكن للمعابر أن تعمل دون أمن كما هو عليه الحال لغاية اللحظة، ودون سيطرة فعلية للأجهزة الأمنية فيها، عادًّا أن الحكومة لن تتمكن من النجاح دون حلول واضحة فعلية للملف الأمني.

ودعا الفصائل التي ستجتمع في القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري إلى الإسراع في حل هذا الملف، مشدداً على أهمية هذه الخطوة على طريق تحقيق المصالحة وتطبيق الاتفاق كاملاً، كما قال.

إقرأ المزيد
https://palinfo.com/215530
جميع الحقوق محفوظة – المركز الفلسطيني للإعلام