تقرير أمريكي يفضح علاقة السيسي بالمسلحين في سيناء لاستمرار المساعدات للجيش

الحرب التي يشنها نظام العسكر ضد ما يسمى بـ”الإرهاب” تتواصل منذ 5 سنوات منذ طلب الجنرال عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب، تفويضا ضد ما وصفه بالإرهاب المحتمل يوم 26 يوليو 2013م.

ونفذ الجيش 7 حملات موسعة ضد هذا “الإرهاب المزعوم” داخليا وخارجيا؛ لكن “الإرهاب المحتمل” تحول بفعل سياسات وممارسات السيسي إلى وحش خرافي لم تقو المؤسسة العسكرية المصرية على مواجهته على مدار سنوات!.

هذا الأمر يثير كثيرا من الشكوك حول طبيعة هذه الحرب “الوهمية” وضرورتها للنظام من أجل توظيفها سياسيا ودوليا لتحقيق عدة مكاسب على المستوى الإقليمي والمحلي؛ لأن فشل المؤسسة العسكرية والمصنفة رقم 12 عالميا في القضاء على مخاطر عدة مئات من المسلحين على مدار “5” سنوات، ورغم ما تمتلكه هذه المؤسسة من قدرات عالية تفوق آلاف المرات القدرات التي يحظى بها هؤلاء المسلحون أمر غير مستساغ ولا مقبول لا عقلا ولا حقيقة؛ فلا يمكن تصور أن عدة مئات من المسلحين- أيا كان تدريبهم أو تسليحهم أو قدرتهم على المراوغة- يمكن أن يستغرقوا كل هذا الزمن للقضاء عليهم أو أن الجيش غير قادر على حسم المعارك التي تتواصل منذ 5 سنوات.

الشكوك تتعاظم عندما نعلم أن تنظيم داعش عندما استولى على مدينة سرت وضواحيها وسط البلاد، وأعلن ما أسماها “عاصمته” في شمال إفريقيا، واستقطب قيادات من أنحاء مختلفة، تمكنت كتائب مدينة مصراته المسلحة المسماة “درع ليبيا” وخاضت معركة عنيفة استمرت حوالي خمسة أشهر لا خمس سنوات، وتمكنت من إنهاء هذا التحدي والقضاء على “داعش” واسترداد المدينة وإعادة النازحين إليها، وهي ميليشيات مسلحة لا تملك قوات جوية ولا مدرعات كافية ولا أسلحة نوعية كما يملك الجيش المصري.

وأيضا في ليبيا نجح ثوار مدينة “درنة” في شرق ليبيا وهي المجاورة للحدود المصرية في طرد تنظيم داعش من المدينة بعد رسوخ قوته هناك وهزموهم هزيمة منكرة خلال أشهر قليلة من المعارك الضارية!.

تشكيك أمريكي

هذه الشكوك دفعت الباحث “دانيال ديبتريس” إلى التحذير من مراوغات نظام العسكر في مصر وتوظيف ما يسمى بالإرهاب من أجل استمرار دعم الولايات المتحدة الأمريكية للنظام في مصر.

وكتب “ديبتريس” مقالا في صحيفة “ذا هيل” الأمريكية المقربة من الكونجرس الأمريكي، تساءل فيه “لماذا ندفع معونات لمصر من أموال دافعي الضرائب، فالقاهرة لن تولِّي وجهها نحو موسكو، وعلاقتها بتل أبيب أصبحت ممتازة؟”.

ويؤكد الكاتب أن الشراكة الأمريكية الدفاعية مع مصر لم تعد تستحق كل هذه التكاليف التي يمولها دافعو الضرائب الأمريكيين، رغم أنها من التحالفات الأمريكية القليلة المستمرة منذ أمد طويل.

وبحسب المحلل الأمريكي، فمنذ ابتعدت مصر عن الرعاية السوفييتية في السبعينيات ووقَّعت معاهدة للسلام مع إسرائيل، باتت القاهرة في المعسكر الأمريكي تماما؛ حيث يلتحق الضباط المصريون بالأكاديميات العسكرية الأمريكية للحصول على التدريب والتعليم؛ وتحصل الولايات المتحدة على عبورٍ تفضيلي في قناة السويس، وعيَّنت الولايات المتحدة مصر حليفا أساسيا لها من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي مكانة مميزة تُوفِّر للحكومة المصرية إمكانية أكبر للحصول على أفضل التقنيات العسكرية ومنصات الأسلحة التي يجب يمكن للولايات المتحدة تقديمها. منحت الولايات المتحدة مصر نحو 47 مليار دولار من المساعدات الأمنية منذ معاهدة سلام كامب ديفيد التي وُقِّعَت في عام 1979، وفقا لدائرة الأبحاث في الكونجرس.

لم تحصل أي دولة أخرى في العالم، باستثناء إسرائيل، على هذا القدر الكبير من السخاء من الشعب الأميركي.

شراكة لم تعد مجدية

هذه الشراكة بحسب الكاتب والمحلل الأمريكي لم تعد مجدية كما كانت في السابق، ويسوق الكاتب 3 حجج ويفندها للتأكيد على أن هذه الشراكة لم تعد مجدية لواشنطن:

الحجة الأولى تتعلق بالسلام بين النظام المصري و”إسرائيل”، حيث يرى الكاتب أن هذه الشراكة كانت سابقاً مُتجذِّرة في مبادئ أساسية -تحافظ القاهرة على السلام مع إسرائيل وتُوفِّر لواشنطن شريكاً استراتيجياً في المنطقة، في حين تُقدِّم الولايات المتحدة للمصريين 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية في المقابل- باتت الآن زواجا مُعقَّدا على نحوٍ متزايد، وفقاً للمحلل الأميركي.

لكن الكاتب الأمريكي يؤكد أن الجانبين باتا أشد التزاما باتفاقية السلام من واشنطن نفسها بحسب وصف العميد المصري المتقاعد بالجيش المصري صفوت الزيات. وبدلاً من مواصلة العلاقة كما لو أنَّ شيئاً لم يتغيَّر على مدار السنوات الأربعين الماضية، على الولايات المتحدة أن تكون أذكى في ما يتعلَّق باستراتيجية أمنها القومي وأن تكون أكثر اقتصاداً في التعامل مع أموال دافعي الضرائب الأميركيين، حسبما يقول دانيال ديبتريس.

الحجة الثانية هي الحرب على الإرهاب حيث وصف المحلل الأمريكي ذلك بالتبريرات المبتذلة، حيث يرى الكاتب أن التبرير الذي تُقدِّمه مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية للإبقاء على حزمة المساعدات الحالية لمصر باتت كليشيهاً مبتذلاً، حسب تعبير المحلل الأمريكي؛ إذ يُقال للشعب الأميركي إنَّ دولارات ضرائبهم تُوفِّر للولايات المتحدة نفوذا قيِّما لدى شريك ضروري في منطقة مضطربة، بدءاً من علاقة راسخة في مكافحة الإرهاب ضد المتطرفين الإسلاميين، وحتى حقوق استخدام الأجواء المصرية لاختصار قدر الوقت الذي يحتاجه سلاح الجو الأميركي للتنقل.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2015-07-01 21:11:06Z | | ÿTw£ÿIl˜ÿCf’ÿ~”Šg

لكن الكاتب يشكك في فوائد التكلفة العالية والبالغة عشرات المليارات من الدولارات مؤكدا أن هذه الشراكة تفيد الطرفين القاهرة وواشنطن فلماذا تدفع واشنطن هذه التكلفة الضخمة.

كلام المحلل الأمريكي في هذه النقطة يفتح الباب واسعا أمام اعتبار ما يسمى بالإرهاب ضرورة لغاية بالنسبة لنظام العسكر يحاول من خلاله تسويق نفسه في الغرب واكتساب شرعية مفقودة بخلاف الحصول على الدعم واستمرار المساعدات الأمريكية، فنظام الانقلاب يريد تسويق نفسه باعتباره يمثل رأس الحربة في مواجهة هذا الإرهاب المزعوم الذي لا ينتهي رغم القدرات العالية للجيش وتعدد الحملات العسكرية الضخمة والأدق أنه لا يراد له أن ينتهي حتى يتم توظيفه سياسيا ودوليا من أجل ضمان ضخ المليارات في خزينة الجيش سنويا.

هذا الأمر يفتح الباب واسعا أمام علاقة نظام السيسي بالمسلحين في سيناء، وهل هناك ثمة اتفاق مصالح بين الطرفين وقوده هم أهالي سيناء يحقق فيه أطراف القوة أهدافهم فالنظام العسكري يضمن تسويق شرعيته واستمرار دعمه إقليميا ودوليا، وتواصل ضخ المساعدات الأمريكية “1,3” مليار دولار للجيش المصي سنويا، وإسرائيل تحقق هدفها بإضعاف سيناء وتفريغها من سكانها وهو هدف إسرائيلي قديم، وأمريكا تضمن حماية أمن الصهانية وبقاء مصالحها في المنطقة.

الحجة الثالثة تتعلق بمخاوف واشنطن من توجه نظام العسكر في مصر نحو موسكو، مؤكدا أن هذه الحجة تبدو للوهلة الأولى مقنعة، لكنَّها مُضللة، حسب وصف الكاتب. فبخلاف واشنطن، التي أبقت على علاقة مساعدات غير متوازنة تصبّ في مصلحة القاهرة على حساب دافعي الضرائب الأميركيين، يُعَد الكرملين أكثر تركيزاً بكثير على المصالح في صفقاته. والقلق من أنَّ مصر ستهجر الولايات المتحدة تماماً لصالح روسيا هو أمرٌ مضلل وخادع.

بل وأسوأ من ذلك، فمثل هذا الاعتقاد لن يُوفِّر إلا قوة دافعة لأولئك الذين يعتقدون أنَّ على علاقات المساعدات الأميركية المصرية يجب أن تستمر كما هي، الأمر الذي يُكرِّس هذا الوضع الراهن غير المقبول الذي يستمر فيه سلب أموال الشعب الأميركي مقابل القليل من النتائج الملموسة، بحسب الكاتب.