المشاركون طالبوا الأمم المتحدة بمحاكمة السيسي وقادة الانقلاب.. في مؤتمر دولي بإسطنبول.. “14 أغسطس” يوم عالمي لشهداء رابعة العدوية

أجمع عدد من خبراء القانون الدولي على أنّ ما ارتكب في مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، هو “جريمة ضد الإنسانية”، مطالبين بمحاكمة كل من يثبت تورطه في ارتكاب هذه الجريمة، وكذلك المُشاركين فيها، وتقديمهم إلى العدالة الجنائية الدولية مهما طال الزمن.

وطالب المشاركون في المؤتمر الدولي حول اليوم العالمي لضحايا اعتصام رابعة، والذى يعقد فى إسطنبول من قانونيين وحقوقيين ومُمثلي منظمات حقوقية محلية ودولية، بوضع خارطة تعريفية للتكييف القانوني لما حدث في فض اعتصام رابعة العدوية والميادين الأخرى، وفتح تحقيق دولي فيما حدث، وتوضيح مفهوم “عدالة ومشروعية الحق في الاعتصام”، مع توصيفٍ لحالة حقوق الإنسان في مصر، ودور القوى الإقليمية فيما حدث.

وأكد البيان الرئيسي للمؤتمر، الذي تلاه المحامي الدولي عبد المجيد مراري، أن ما وقع من جرائم قتل خارج إطار القانون من قبل قوات الأمن، خلال فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة والميادين الأخرى، وترتب عليه حالات قتل لعدد 817 مواطنا في أكبر مذبحة شهدها التاريخ المعاصر، فضلا عن آلاف المصابين في غياب تام لسلطة قضائية مستقلة تجري تحقيقا عادلا، يترتب عليه محاسبة مرتكبي تلك الجرائم.

وقال البيان، إن خبراء القانون الدولي أجمعوا على أن ما ارتكب خلال فض رابعة هو جريمة ضد الإنسانية، بمنطوق الفقرة الأولى من المادة 7 من نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.

وكشف البيان عن اعتزام خبراء القانون والحقوقيين تفعيل المادة 15 من اتفاقية روما، عبر العمل على تشكيل قناعة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؛ حتى يباشر التحقيق في هذه الجريمة.

وشدد على أن الموقعين على البيان يطالبون المنظمات الدولية المعنية، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بضرورة فتح تحقيق دولي فى الإجراءات المتبعة في ذلك اليوم من قبل قوات الأمن، والوقوف على الجناة الحقيقيين وتقديمهم للعدالة الدولية، ومنع إفلاتهم من العقاب.

ووجه البيان دعوة إلى الأمم المتحدة والأجهزة الدولية المعنية لاعتبار يوم 14 أغسطس من كل عام، يوما عالميا لضحايا اعتصام رابعة العدوية وكافة ضحايا الاعتصامات على مستوى العالم.

تحصينات السيسي  

افتتح المحامي الدولي الفرنسي “جيل ديفير”، فعاليات المؤتمر بمحاضرة حول “إمكانية فتح تحقيق دولي في أحداث فض رابعة العدوية”، وقال: بصفتي محاميًا.. أتحدث عن الإجراءات التي يمكن أن نتخذها ويجب أن يتكاتف الجميع فيما بينهم وفق القرارات القانونية”، مشيرا إلى أن النشطاء وحدهم لا يمكن أن ينجزوا شيئا دون الحصول على دعم حقوقي، ووفقا للقانون الدولي، ومن خلال العمل مع الشعب المصري لكي يكون العمل المحلي متسقا مع العمل الدولي.

وأضاف “علينا أن نلفت أنظار المجتمع الدولي ونصل إليه، ونطلعه على ما لدينا لكي نحصل على نتائج إيجابية؛ مطالبا بالحصول على معلومات عن الانتهاكات التي تحدث داخل السجون والمعتقلات طوال فترة الانقلاب منذ 2013 وحتى اليوم، وأن نتعاون مع الصحفيين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني الإقليميين والدوليين، ومدهم بما لدينا من الحالات الموثقة من معلومات أدلى بها الضحايا وذووهم.

وقال جيل ديفير: “أنا دائما مع الشعب المصري أتابع واطّلع على الحقائق أولا بأول، وقد حصلنا على بعض المعلومات من أجل الحصول على حقوق شهداء رابعة، وهناك تواصل بيننا وبين أهالي ضحايا رابعة، ومن خلال تكاتفنا وتعارفنا يمكننا تحقيق نجاحات في هذ الملف”.

وأشار إلى أن قيام العسكر بفتح النار على المواطنين العزل وقيامهم بارتكاب المجازر ضد الصحفيين، يجب إيصال تلك الجرائم الموثقة إلى المحاكم الأوروبية، داعيًا إلى رفع قضايا متعددة في مختلف الدول الأوروبية.. ففي فرنسا نستطيع رفع قضايا في فرنسا أو خارجها، وتقديم إثبات موثق يدين الشخص المنتهك لحقوق الإنسان، والذي ارتكب الجريمة.. وبالتالي يستطيع القضاء الفرنسي توقيفه.

وقال إن الطرف الأول هم أهالي الضحايا، وبالتالي وجب معرفة التفاصيل ووضع أيدينا على الأدلة الموثقة للضحايا من ذويهم، مع إدراك مفهوم الجريمة ضد الإنسانية، يجب أن نحدد المشاركين الأساسيين والفرعيين، فهناك دعم عسكري ودعم مالي، وهو سبب قيام النظام بالجرائم.

وشدد على أنه لا قيمة لتحصينات السيسي لكبار ضباط العسكر، ولن يتم محو الجرائم التي ارتكبوها مهما طال الوقت؛ لأنها لا تسقط بالتقادم، داعيا إلى ضرورة التحرك باتجاه المحاكم الدولية المختلفة والاستمرار في العمل والتعاون المشترك في هذا الخصوص من خلال الحصول على شهادات ذوي الشهداء أو بعض الضحايا أنفسهم.

جريمة ضد الإنسانية

من جهته أكد محمود جابر، المحامي ومدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان بإسطنبول، أن التكييف القانوني لما حدث في فض اعتصام رابعة وأخواتها في مختلف المحافظات هو جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير القانونية الدولية والمحلية والإقليمية.

وأضاف أننا راقبنا اعتصام رابعة الذي كان سلميا وفقا لما أقره القانون والدستور المصري، الذي نص صراحة على حق المواطنين في تنظيم التجمعات السلمية والاعتصامات كأمر مشروع وجرم القانون فضه بقوة السلاح.

وأوضح جابر أن المادة 20 تتحدث عن أنه لكل شخص الحق في الاشتراك في التجمعات والاعتصامات السلمية، والمادة 5 تجرم الاعتداء على المعتصمين أو تعذيبهم أو الحط من كرامتهم، كما تحدثت المادة 21 في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان عن أنه حق مشروع في الاعتصام والتجمع السلمي والتعبير عن الرأي، حيث لا يجوز الاعتداء عليه أو فضه بالقوة.

وأشار إلى أن الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 1961 أقرت الحق في الاعتصام، وكذلك الاتفاقية الدولية الأوروبية عام 1950، وأيضا الاتفاقية العربية لحقوق الإنسان 2004 أقرت الحق في الاعتصام والتجمع السلمي، وجرمت الاعتداءات على تلك التجمعات السلمية، وقد وجدنا القوة المفرطة والمميتة لهؤلاء المعتصمين، وارتكب بحقهم أبشع جريمة في العصر الحديث في التجمعات السلمية، وأن الشرطة المصرية خرقت المادة 102 من قانون الشرطة التي أعطت الصك للشرطة في استخدام القوة، ولكنها قيدت رجال الشرطة للاستعمال بالقدر اللازم لأداء واجبهم، ويجب مراعاة الكثير من الاحتياطات بتحذير المواطن ليكون بغرض الإصابة وليس القتل، بينما في رابعة العدوية وجدنا تعمد القتل والتمثيل بالجثث والتعنت مع أهالي الضحايا.

مجازر كبيرة  

بدوره أكد الناشط الحقوقي التركي “علي أونير”، رئيس جمعية مظلوم دار التركية بإسطنبول، أنه حدثت في ميدان رابعة مجازر كبيرة جدا مثل الحرس الجمهوري والمنصة والفض الوحشي للاعتصام، ونحن الآن نواجه مصاعب في تحقيق العدالة الدولية، موضحا أن الانقلاب لم يقم به السيسي وحده، ولكن أمريكا هي من دعمته، وهناك بعض العملاء لأمريكا أسهموا في نجاح هذا الانقلاب وهيئوا له الظروف، وهناك دول كثيرة قدمت الدعم لقائد الانقلاب.

وأضاف أن هذه المجزرة التي ارتكبت في رابعة لم يُحاسب عليها أحد، ونحن نبحث في المحافل الدولية عن كيفية الحصول على حقوقهم في ظل مجتمع إقليمي متواطئ للأسف.

وأوضح أونير أن ما قام به السيسي وقواته هو جريمة حرب يجب أن يحاسب عليها، وسنظل ندافع عن كرامة وحقوق البشر دون تفرقة، وسنقف إلى جانب ضحايا رابعة.

وأشار إلى أن الرئيس أردوغان قال: “إن العالم الآن أكبر من 5 دول”، ويقصد دول الفيتو التي تتحكم بمصير العالم، موضحا أنه لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يتم انتخاب رئيس بشكل ديمقراطي وهو د. محمد مرسي؛ وتعرضت بعد فوزه البلاد إلى حرب اقتصادية وسياسية لزعزعتها.. وكان هناك مافيا – جيش البلطجية- حتى يحولوا حياة الشعب المصري إلى جحيم بدعم خليجي؛ وباشراف أمريكي.

المؤسسات الدولية

وتناول المحامي الدولي “د. عبد المجيد مراري”، مسئول ملف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة AFD الدولية، قضية التكييف القانوني لما حدث في فض اعتصام رابعة، مشيرا إلى أن كوكبة المؤتمرين اجتمعوا اليوم للحديث عن مذبحة القرن، والتي تم رصدها بالصوت والصورة، وكأننا نشاهد فيلما أثناء تصويره لا نحتاج إلى عرض سينمائي خاص له، فالجميع شاهده على الهواء مباشرة، والعالم كله شاهد هذه المذبحة والجريمة ضد الإنسانية.

وأضاف أن المؤسسات التابعة للسلطة القابضة على زمام الأمور في مصر بكافة أطيافها تحاول الهروب والتملص من الجريمة التي شاهدها العالم؛ بل وتسعى لقتل الناس جوعا، وللأسف مؤسسة القضاء أصبحت مسخرة في نوادي القضاة في العالم، حيث أطلق السيسي عليها رصاصة الرحمة بعدما نزع منها استقلاليتها وتحويلها إلى أداة في يد الطاغية.

ودعا إلى بث خطاب الأمل لأسر القتلى والمعتقلين، بأنه سنرى هؤلاء المجرمين غدا وراء القضبان في الأرض قبل السماء.

وأكد أنه لا خلاف على أن ما حدث في رابعة جريمة ضد الإنسانية، وهي انتهاك صارخ للحق في الحياة، مثلما جاء في البند الثالث للميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

وقال مراري: إننا نتوجه إلى مجلس الأمن لفتح لجنة تحقيق فيما حدث من جرائم لم تتوقف حتى اليوم.

متدهورة للغاية

بينما تناول خلف بيومي، المحامي ومدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان بلندن، حالة حقوق الإنسان في مصر بشكلٍ عام، واصفا تفاصيل المذبحة التي ارتكبها الجيش صباح 14 أغسطس، ثم أعقبها بحرق مسجد رابعة العدوية بجريمة ضد الإنسانية.

وقال إن رابعة لم تكن الأولى، حيث إنه منذ 3 \7 \2013 ارتكب السيسي في يوم 3 يوليو العديد من الجرائم، منها قتل 4 مواطنين أمام مسجد سيدي بشر، وفي 5\7 استخدمت النيران بشكل كثيف فقتل 12 شخصا في سيدي جابر.. واستمر هذا الأسلوب يوم 8\7 في أحداث الحرس الجمهوري وقتل 59، ثم في أحداث رمسيس الأولى والمنصورة والقائد إبراهيم 26\7، ومذابح متكررة في ميدان العريش وسموحة والإسكندرية وحي الأربعين بالسويس ومطروح، واستخدم الجيش نفس الأسلوب، ثم مذبحة عربة الترحيلات بقتل 37 من المعتقلين. والداخلية استخدمت نفس الأسلوب الممنهج بالقتل خارج نطاق القانون في كافة محافظات مصر ثم الإخفاء القسري.

واستعرض بيومي التصاعد الزمني لجرائم الإخفاء القسري للمصريين، حيث بلغت هذه الجرائم إخفاء نحو 1850 مصريا قسريا، وفي عام 2015 زادت إلى 2600، ووصلت إلى 2700 في 2017، كما أن كافة القضايا العسكرية والإهمال الطبي داخل السجون لم يتوقف منذ 3\7 2013 في سجن العقرب، وتوفى عماد حسن ومحمد الفلاحجي وفريد إسماعيل وعصام دربالة، وفي كافة السجون بأسلوب متكرر وممنهج يعبر عن سياسة عامة ترتكبها الداخلية، والقتل العمد تجاه المتظاهرين، وهذه نماذج قليلة.. ولم تكن الوحيدة ولكن منذ 3\7 حتى الآن تم فصل 44 قاضيا، وقتل 100 سيدة في الميادين المختلفة، واعتقال 31 سيدة ارتفع إلى 56، وتم إنشاء 21 سجنا منذ 3\7 .. كما تم اعتقال أكثر من 60 ألفا اعتقالا تعسفيا، وإغلاق 10 قنوات فضائية، وفصل 30 صحفيا، مع أحكام بالسجن على 100 صحفي وقتل عدد منهم.

وتابع: تم القبض على 600 محام، لا يزال 300 منهم داخل السجون، منهم أحمد أبو بركة، وعادل عبد السلام، وعصام سلطان، وصبحي صالح، ومداهمة المراكز الحقوقية كالمؤسسة العربية، ومركز النديم، واعتقال الأستاذ عزت غنيم مدير التنسيقية المصرية.

مجلس حقوق الإنسان

وتحدث كريم عبد السلام، المحامي ورئيس منظمة العدالة ورد الاعتبار بتونس، حول سوابق اعتماد أيام دولية من قبل المؤسسة الرسمية، ودور أسر الضحايا فيها، مشددا على ضرورة مخاطبة المؤسسات الدولية، وقال نحن في أمسّ الحاجة لتكييف هذه القضية وصدقيتها وفقا للقانون الدولي الإنساني والخاص بحقوق الإنسان ومقرر مجلس حقوق الإنسان، ورفع القضايا في إسبانيا وكندا وبلجيكا، وضرورة أن نتوجه لهذه المحكمة التي ميثاقها أكثر تطورا من ميثاق روما.. وبالضرورة القصوى أن نتحدث عن نقطة هي حجر الأساس، وهي مسألة عدد الضحايا، واليوم لا نجد إلا الرواية الرسمية للنظام الذي يقدم رواية مشبوهة للواقعة باعتباره طرفا في النزاع.

السعودية والإمارات

وفي نهاية المؤتمر ألقى علاء عبد المنصف، المحامي ومدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان بلندن، الضوء على دور القوى الإقليمية في الأحداث في مصر، مشيرا إلى أن القانون الدولي يحدد مسئولية محلية ومسئولية دولية، وهناك فاعلان آخران، وهناك قوى إقليمية على رأسها السعودية والإمارات، هم شركاء في الجرائم، وهذا الغطاء المحلي من الفاعلين الداخليين والغطاء الإقليمي.