المتطاولون في البنيان

التعميم وعدم الإنصاف آفة من آفات الصحافة.. فالقصد من التعميم إصدار حكم بدون دليل أو برهان.. لا يمكن لأي أصحاب عقل أن يحكم على أخلاق بلدة من خلال التعامل مع إحدى الشخصيات منها، يعتز الكثير من المصريين بتراب بلادهم، ولا نراه تراباً بل تبراً.

مصر على مر التاريخ لم تترك الدول العربية في الكثير من مِحَنها، وعودوا إلى التاريخ فمن أول من أنار الحرم النبوي بالكهرباء؟!

ومَن كان يهدي إلى الحرم المكي كسوة الكعبة كل عام؟!

التاريخ لا ينسى، عودوا إلى طياته فهي مليئة بأفضال مصر على الكثير من الدول..

تيران مصرية وصنافير، ولا ينكر ذلك من أبناء مصر إلا أبواق نظام السيسي وبعض المنتفعين منه.. أما عن أبناء المملكة العربية السعودية فلا أظن أن الأمر يشغلهم بقدر ما يشغلنا، إن كان يرى بعضهم أن الشعب المصري مثل السيسي، يمكنه أن يتخلى عن جزء من بلاده فهم مخطئون، لسنا في حاجة إلى أموالكم، برغم ما يمر به الشارع المصري لن يبيع جزءاً من أراضيه مهما كان السعر.

منذ أن بدأ جمال عبد الناصر بفرض السيطرة المطلقة على جميع المعارضين لحكم العسكر، ففر الكثير من المصريين إلى الدول العربية، وكان أبرز تلك الدول السعودية، وكان من أهم أسباب نهضتها وجعلها من الدول التي تطاولت في البنيان تلك الكوادر في مجالات عديدة، التي تركت مصر من بطش وظلم جمال عبد الناصر.

ومن الجحود ونكران النعمة أن ينظر إلى دور المصري في السعودية وكأنه عمالة فقط.

قرأت مقالاً لكاتبة سعودية هي زينب البحراني، تتحدث عن تيران وصنافير، فكان كلامها عن الأموال الطائلة التي أخذها السيسي مقابل الجزيرتين، وهل يستطيع المصريون إرجاعها؟! وعن العمالة المصرية هناك.

ووجدت من كلامها أن السعوديين لا يعلمون عن تيران وصنافير سوى أنها جزر تم شراؤها من نظام يسعى دائماً إلى جمع المال، ومن ثَم فإنها تقول إن بلادها سئمت من دفع أموال دون مقابل، فكان الحل أن تأخذ السعودية الجزيرتين لتسوية المشكلة، على حد قولها، ولكن من قال لحكامك أن يدعموا هذا النظام العسكري، ويقتلوا الربيع العربي في بلدنا، من طلب منك التدخل في سياسة الدولة المصرية ودعم المعارضة وقت حكم الدكتور مرسي؟!

إن لم تقدموا المال الكثير للسيسي؛ لكي يثبت أركان انقلابه لما وصل الحال إلى ما وصل إليه الآن.

أكملت كلامها بأن “جزءاً من المصريين يمكنهم التخلي عن مبدئهم وأن يخلعوا ثوب الثائر لكرامة أرضه عندما يلمح عقد عمل”، على حد قولها.

تعجب لما قالت، وبناء على ماذا قالت ذلك، ربما لا تعلم طبيعة الشعب المصري.. اختلف الكثير منذ أربعة أعوام على السيسي ومرسي، ولكن توحد الجميع في مصر على قضية تيران وصنافير.

لا شك أن هناك قلة من المصريين يعيشون في حالهم، أو كما تسير الرياح فهم في اتجاهها، ولكن لا يجب أن ننسى مَن ثاروا وقدموا أرواحهم في ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني ومَن قدموا أرواحهم في مجازر العسكر بعد الثالث من يوليو/تموز في سبيل حريتهم وكرامتهم.

ومَن هم رهن الاعتقال الآن بسبب دفاعهم عما يؤمنون به، لم نرَ من شعوب أخرى تضحية وبذلاً في سبيل حريته كما قدمها هؤلاء.. ليسوا هؤلاء من يعيشون والسلام كبقية الشعوب التي تسبح بحمد ملوكها ليل نهار.

وأخيراً ستظل تيران وصنافير مصرية.