الصين تتجرع مرارة اقتصاد‮ «‬الزومبى»

الصين تتجرع مرارة اقتصاد‮ «‬الزومبى»

فى الوقت نفسه تزعم بكين ان‮ “‬وفرة المعروض‮” ‬هى مشكلة عالمية لم تتسبب فيها بمفردها،‮ ‬ويؤكد وزير تجارتها قاو هو تشينج ان المشاكل العالمية تستدعى دائما تضافر جهود جميع الدول‮.‬
لكن الواقع ان طوفان السلع الصينية‮ ‬يغرق الاسواق بما‮ ‬يفاقم من الضغوط الانكماشية ويهدد مصالح المنتجين فى انحاء العالم‮.‬
والانتاج الصينى المفرط بات‮ ‬يشكل معضلة لبكين مثلما هو كابوس مزعج للدول الاخرى‮. ‬ومن ثم‮ ‬يصف البعض الاقتصاد الصينى بانه ضمن اقتصادات ال”زومبى‮” ‬بمعنى انه فى‮ ‬غيبوبة او‮ ‬غير واع لما‮ ‬يحدث له‮.‬
وعلى سبيل المثال،‮ ‬تعانى صناعة الصلب الصينية‮ – ‬مثل بقية الصناعات‮- ‬من القدرة الصناعية الزائدة على حاجة الأسواق،‮ ‬حتى ان انتاجها‮ ‬يزيد على مجموع ما تنتجه كل من اليابان وامريكا وألمانيا‮. ‬ووفقا لتقديرات مجموعة روديوم الاستشارية فقد ارتفع الانتاج العالمى من الصلب بنحو‮ ‬57٪‮ ‬خلال العشر سنوات المنتهية فى‮ ‬2014،‮ ‬مع استحواذ الصين على‮ ‬91٪‮ ‬من تلك الزيادة‮.‬
وكذلك الحال بالنسبة للصناعات الاخرى،‮ ‬ابتداء من صناعة الورق الى السفن مرورا بالزجاج وغيرها‮. ‬وحاليا لدى الصين حجم معروض هائل‮ ‬يفوق كثيرا الطلب المحلى الذى‮ ‬يتراجع‮ ‬يوما بعد‮ ‬يوم‮. ‬والاسوأ استمرار توسع الانتاج‮. ‬وعلى سبيل المثال،‮ ‬سوف تزيد الطاقة الانتاجية لصناعة الالومنيوم بنسبة‮ ‬10٪‮ ‬هذا العام‮.‬
ووفقا لوكالة فيتش سوف تزيد الطاقة الانتاجية لمناجم الفحم بحوالى مليارى طن خلال العامين القادمين‮.‬
والاسبوع الماضى صدر تقرير لغرفة تجارة الاتحاد الاوروبى فى الصين حول الطاقة الفائضة،‮ ‬الذى اشار الى بدايات المشكلة فى عام‮ ‬2008‮ ‬عندما تعاملت بكين مع الازمة العالمية بتمييز الشركات المملوكة للدولة وإغداقها بالاموال لمساندتها‮. ‬وبحسب احصاءات البنك المركزى الصينى تعانى مقاطعات صناعية عديدة من تكدس المصانع بها،‮ ‬مثل مقاطعة جيانجسو التى ارتفع فيها حجم الطاقة الفائضة بشكل مثير للقلق‮.‬
واليوم الفجوة بين الطاقة الانتاجية وحجم الانتاج فى قطاع الصناعة الصينى‮ ‬13.‬1٪،‮ ‬وترتفع النسبة عن ذلك فى الصناعات الكثيفة‮. ‬وتلك الفجوة لم تكن موجودة حتى عام‮ ‬2007‮ .‬
يذكر انه خلال العام الماضى قد سجلت الشركات الصناعية فى الصين تراجعا فى ارباحها السنوية لاول مرة منذ عام‮ ‬2000
ويقول دويتشه بنك ان ثلث الشركات التى تسدد مديونياتها للبنوك عن طريق الاقتراض هى شركات صناعية تعانى من الطاقة الزائدة‮.‬
ويوضح محللون ان الطاقة الزائدة فى الصين تدفع اسعار المنتجين الى الهبوط مما‮ ‬يزيد من الضغوط على الشركات المثقلة بالديون‮. ‬وكانت الاسعار انخفضت فى شهر‮ ‬يناير الماضى للشهر ال‮ ‬47‮ ‬على التوالي‮.‬
ربما كانت الاخبار السارة ما اعلنته الحكومة وتعهد به المسئولون من مواصلة سياسات الاصلاح الهيكلية فى القطاعات التى تعانى من الانتاج المفرط‮. ‬وانه سيتم تركز الإصلاحات فى القطاعات التى تعانى من زيادة هائلة فى الإنتاج فى الفترة القادمة على العمالة فى قطاعين هامين وهما الفحم والحديد الصلب مع تسريح عدد كبير من عمالهم‮.‬
وفى إطار لجوئها لاستخدام محركات جديدة للنمو إضافة إلى تشجيع محركات النمو التقليدية،‮ ‬تحول تركيز السياسة الاقتصادية من سعر الصرف والاصلاحات المتعلقة بجانب العرض الى تحفيز الطلب‮.‬
ومؤخرا أكد محافظ بنك الشعب الصينى‮ (‬البنك المركزى‮) ‬تشو شياو تشوان،‮ ‬أن الصين لديها سياسات متعددة للتعامل مع أى مخاطر هبوط محتملة،‮ ‬وذلك فى ضوء ما حدث من انخفاض لمعدل نمو الاقتصاد الصيني،‮ ‬الذى بلغ‮ ‬6.‬9٪‮ ‬على أساس سنوى فى العام الماضي،‮ ‬مسجلا أبطأ معدل نمو له منذ عام‮ ‬1990،‮ ‬ما ولد مخاوف من أن ثانى اكبر اقتصاد فى العالم قد‮ ‬يواصل الانكماش مما سينعكس بالسلب على النمو الاقتصادى العالمي‮. ‬وقال انه فى ظل دخول الاقتصاد الصينى مرحلة‮ “‬الوضع الطبيعى الجديد‮” ‬فإن التركيز الأساسى مستقبلا سيكون على الحفاظ على نمو داخلى مستقر والانتقال إلى نمط جديد من النمو‮. ‬لكن قدرة السلطات على تنفيذ الإصلاحات مازالت موضع شكوك عديدة حتى ان مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى خفضت من توقعاتها بالنسبة للتصنيف الائتمانى للصين من‮ “‬مستقر‮” ‬إلى‮ “‬سالب‮” ‬قبل ايام قليلة وأرجعت المؤسسة هذا التقييم إلى ارتفاع ديون الحكومة وتراجع الاحتياطى والغموض بشأن الاصلاحات الواجبة‮.‬
يشار إلى أن ديون حكومة الصين ارتفعت إلى‮ ‬40.‬6‮ ‬٪‮ ‬من إجمالى الناتج المحلى فى نهاية عام‮ ‬2015‮ ‬مقارنة ب‮ ‬32.‬5‮ ‬٪‮ ‬عام‮ ‬2012‮ ‬،‮ ‬بحسب تقديرات موديز‮.