استيراد الأرز.. يدعم الفلاح الأجنبي ويخرب بيت المصريين

استيراد الأرز.. يدعم الفلاح الأجنبي ويخرب بيت المصريين

رأى مراقبون أن فتح باب الاستيراد سيأتي على حساب جودة الأرز الذي سيقدم للمستهلك، والدليل علي ذلك أن سعر طن الأرز في السوق العالمية يتراوح بين 400 و500 دولار للطن، بينما يصل سعر الطن من الأرز المصري عالميا إلى 1200 دولار، وهو ما يعكس فارق الجودة بين النوعين.

واعتبر د. أحمد ذكر الله في “تطورات المشهد الاقتصادي” الذي نشره موقع المعهد المصري إن فتح باب الاستيراد سيؤدى إلى سيطرة مجموعة صغيرة من كبار التجار على السوق، وخروج صغار التجار منها، لعدم قدرتهم على التوريد لهيئة السلع التموينية، حيث أن استيراد كميات كبيرة يحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرة ليست في حوزة صغار التجار، بالإضافة إلى نقص المعلومات لديهم، مما يجعلهم في منافسة غير متوازنة مع كبار التجار.

وأضاف أن المستهلك المصري سيتضرر من انخفاض الجودة، ولكن الاستيراد رغم التوقعات بزيادة الأسعار سيعمل على استقرارها، والمطلوب هو المزيد من الاجراءات لضمان المنافسة وعدم الاحتكار واستغلال الناس، وضمان الحفاظ علي المضارب المحلية والعمالة بها، والاستفادة من إمكانات إعادة التصدير.

أضرار مباشرة

وفي 8 نقاط رأى الصحفي الاقتصادي مصطفى عبدالسلام أن استيراد الأرز والغذاء بشكل عام من أخطر الأمور التي تهدد مصر واقتصادها ومواطنيها وحاضرها ومستقبلها. واعتبره تهديدا مباشرا للأمن القومي، لأنك في حالة الاستيراد تعتمد على الخارج في تلبية احتياجاتك الغذائية، حيث تستورد نحو ٦٠% من احتياجاتها من الخارج، فضلا عن خطورته على سوق الصرف وسعر الجنيه، لأن زيادة الاستيراد بيزود الطلب على الدولار، وبالتالي أضعاف العملة المحلية.

وحذر من أن فتح الباب على مصراعيه لاستيراد الغذاء لا يجعلك فقط أكبر دولة مستور للقمح والزيوت في العالم، بل ويجلب لك “زبالة أغذية العالم”، ويكفي القمح المسرطن القادم من روسيا وفرنسا، وأن زيادة الاستيراد يعني مزيدا من الاقتراض الخارجي لخفض هذا يؤدي لزيادة عجز الميزان التجاري، إضافة إلى رفع تكلفة السلعة المستوردة.

وأضاف عبدالسلام أن الاستيراد سيلحق خسائر فادحة بالفلاحين الذين كانوا يكتسبون قوتهم من زراعة القمح؛ وكذا إلحاق خسائر بالأراضي التي تفيدها زراعة الأرز.

رؤية نظام

وقال الدكتور عبدالتواب بركات مستشار وزير التموين الأسبق باسم عودة: إن مباركة الوزير قرار السيسي باستيراد الأرز، يشكك في جدوى وجود وزارته بعد انتهاء دورها في إنتاج قوت الشعب، ويؤكد أن تصريح وزير التموين السابق الذي قال فيه إن مصر لا تريد الاكتفاء الذاتي من القمح، وليس من مصلحتها أن تكتفي، لم يكن رأي خاص بالوزير بقدر ما هو رؤية حكومة.

واعتبر أن القرار هو أساس الرؤية المباركية ويوسف والي، موضحا أن استيراد الأرز بدلا عن زراعته، فما المحصول المهم الذي يريد الوزير أن يزرعه الفلاح المصري غير الأرز؟ هل يزرع الفراولة والكنتالوب ولب التسالي كما كانت سياسة يوسف والي، وزير زراعة المخلوع مبارك، ويترك الأرز ليلحق بالقمح، وتستورد الأرز الردئ كما تستورد الأقماح المسرطنة من روسيا لأجل عيون بوتين الذي يبارك انقلاب السيسي العسكري؟!

أديس أبابا

ورأى الخبراء أن علاج أزمة الأرز والزراعة بشكل عام تبدأ من أديس أبابا وتنتهي بها ؛ وليس من خلال فتح باب الاستيراد وتهديد زارعي الأرز بالسجون واقتلاع محاصيلهم وليس بتقليص مساحات الأراضي المزرعة بالأرز من مليون و١٠٠ ألف فدان إلى ٧٢٤ ألف فدان فقط.

ورأى آخر أن البديل الذي قد يسهم في تقليل الازمة أن يتم استحداث وزراعة أصناف جديدة من محصول الأرز أكثر إنتاجية بدلا من استيراده (مزيد من الانفاق على البحوث الزراعية)، كما أن المشكلة الأخرى هي صعوبة تحويل الأراضي التي تتم إلى زراعة أي محاصيل أخرى.

مضيفا أن مصر تمتلك تكنولوجيا عالية لضرب الأرز تستطيع أن تستوعب كميات كبيرة من الأرز الشعير المستورد، وأن تقوم بتصنيعه وتغليفه وإعادة تصديره إلى الدول المجاورة، ما يخلق فرص عمل في السوق المصرية، كما أن المضارب لن تتعطل، سواء لأنها ستعمل على الأرز المصري الذي سيتم تصديره، او على الأرز الشعير المستورد.

ويمكن الاقتداء بتجربة تركيا، التي تستورد الأرز في مناطق حرة غير محملة بالضرائب بجميع أنواعها، وتعيد تصديره إلى دول المنطقة، وهو ما جعلها من أكبر المنافسين لمصر على الأسواق الخارجية، وحلت محلها في الكثير من الأسواق العربية.

ملامح الأزمة

وانخفضت مساحات زراعة الأرز بنسبة 50% وبالتالي نحتاج للاستيراد”، موضحًا أن العام الماضي زرعنا نحو مليون ونصف فدان أرز أما هذا العام 700 ألف فدان فقط، وذلك بعد قرار وزارة الزراعة في مطلع العام الجاري، تخفيض زراعة الأرز (كثيف الاستهلاك للمياه) من 1.1 مليون فدان إلى 724 ألف فدان فقط من أجل توفير استهلاك المياه.

ولا يلتزم الفلاحون في مصر بالمساحات الرسمية لزراعة الأرز، حيث أن المساحة المنزرعة تصل أحيانا إلى نحو 2 مليون فدان، وبعد التضييقات الأمنية الكبير عليهم بعد قرار الوزارة فمن المرجح ان تصبح الفجوة ما يقارب الثلثين.

جدير بالذكر أن استهلاك مصر من الأرز يقدر بنحو 3.6 إلى 3.9 مليون طن سنويا، بينما يصل إنتاجها إلى نحو 5 ملايين طن، وهو ما يعني أن لديها فائض يقترب من مليون طن، كان يتم تصديره، قبل حظر تصديره منعا للمضاربة والاحتكار، وتحظر مصر تصدير الأرز بشكل متواصل منذ عام 2008 من أجل الحفاظ على مخزون الأرز لتلبية احتياجات السوق المحلية والحد من التوسع في زراعته للحافظ على المياه.