مصر تغرق في الديون.. السيسي يقترض “26,7” مليار دولار والتضخم يرتفع في يونيو

كشفت بيانات صادرة عن وزارة المالية بحكومة الانقلاب، عن اقتراض حكومة العسكر نحو 475.5 مليار جنيه (26.7 مليار دولار) من السوق الداخلية خلال الربع الأول من العام المالي الجديد 2018/ 2019، الذي بدأ في الأول من يوليو حتى سبتمبر المقبل، بزيادة تبلغ قيمتها 104.5 مليارات جنيه عن الفترة نفسها من العام المالي الماضي، الذي شهد اقتراض 371 مليار جنيه.

بحر الديون

وتشير البيانات إلى مواصلة حكومة مصطفى مدبولي الجديدة، تكثيف عمليات الاقتراض التي اتبعتها الحكومات السابقة منذ وصول الجنرال عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في يونيو 2014.

ووفق الجدول الزمني لإصدارات أذون وسندات الخزانة العامة، فإن إجمالي قيمة أدوات الدين التي تعتزم الحكومة طرحها خلال الربع الأول من العام المالي الجاري يزيد بنسبة 28.2% عن الفترة نفسها من العام المالي الماضي، بينما ترتفع بنسبة 118.9% عن الربع الأول من العام المالي 2014/ 2015، الذي تولى فيه السيسي الحكم.

وشهد العام المالي الماضي، عمليات استدانة غير مسبوقة في تاريخ مصر، حيث اقترضت الحكومة محليا فقط نحو 1.6 تريليون جنيه (90.7 مليار دولار)، مقابل 614.2 مليار جنيه في العام المالي 2013/ 2014.

كما تعتزم الحكومة اقتراض نحو 11.4 مليار دولار من الخارج في العام المالي الجديد. وقفز الدين الخارجي إلى 82.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي، بحسب ما قالته الحكومة في نشرة الاكتتاب الخاصة بطرح سندات باليورو في بورصة لوكسمبورغ في فبراير الماضي.

وتأتي معدلات الاقتراض المتزايدة رغم خفض دعم الطاقة وزيادة الضرائب، حيث أقدمت الحكومة في 16 يونيو الماضي، على تطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود تراوحت بين 17.4% و66.6%، وهي الثالثة منذ إبرام الحكومة اتفاقا مع الصندوق لاقتراض 12 مليار دولار في نوفمبر2016، والرابعة منذ تولي السيسي الحكم.

كما رفعت الحكومة في الشهر ذاته أسعار الكهرباء بنسبة وصلت إلى 70% للاستهلاك المنزلي و41% للمصانع، ومياه الشرب بنسبة تصل إلى 46.5%.

واتخذت الحكومة العديد من القرارات المؤلمة للفقراء ومحدودي الدخل، منذ إبرام اتفاقها مع صندوق النقد، مقابل تنفيذ برنامج اقتصادي تضمن بجانب إلغاء دعم الطاقة تدريجيا، تحرير سعر صرف الجنيه، ما تسبب في تضخم بلغ ذروته في يوليو 2017 حين سجّل المؤشر السنوي 34.2%، إلا أنه أخذ في الانخفاض، وفق البيانات الحكومية، وصولا إلى 11.5% مع نهاية مايو، بينما يشكك خبراء اقتصاد في شفافية هذه البيانات.

وتسعى الحكومة لزيادة الإيرادات بنسبة 22% في موازنة العام المالي الحالي إلى 989 مليار جنيه (55.5 مليار دولار)، بينما تقول إنها تستهدف خفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي إلى نحو 92%، مقابل 97% في العام المالي الماضي.

وتمثل الضرائب، المقدرة بنحو 770 مليار جنيه (43.2 مليار دولار)، نحو 77.9% من إجمالي الإيرادات العامة في الموازنة الحالية.

وتشير بيانات وزارة المالية إلى أن فوائد خدمة الدين فقط ستصل إلى 541 مليار جنيه (30.3 مليار دولار)، بما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 437 مليار جنيه (24.5 مليار دولار) في العام المالي الماضي.

وعندما بدأ السيسي ولايته الأولى، كانت فوائد الدين 193 مليار جنيه (10.8 مليارات دولار) فقط، بما يعادل 7.9% من الناتج المحلي الإجمالي. وتعادل فوائد خدمة الدين 39% من إجمالي المصروفات، وتزيد على مخصصات ثلاثة بنود، وهي الأجور وتعويضات العاملين وشراء السلع والخدمات والاستثمارات.

ورغم الاقتراض غير المسبوق، إلا أن قيمة العجز الكلي بالموازنة سترتقع إلى نحو 438.5 مليار جنيه، وفق التقديرات الحكومية، مقابل عجز بقيمة 430 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي.

والتضخم يرتفع

وفي الوقت ذاته، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم خلال يونيو الماضي بنحو 2.9% مقارنة بشهر مايو السابق عليه ليبلغ 282.7 نقطة، وعلى أساس سنوى بلغ معدل التضخم 13.8% مقارنة بمثيله عام 2017.

وأوضح الجهاز، في نشرة المستهلكين لشهر يونيو 2018، الثلاثاء، أن معدل التضخم خلال النصف الأول من العام الجاري ارتفع بنحو 14% مقارنة بمثيلتها من العام الماضي. وأشارت النشرة إلى أن أسعار الطعام والشراب زادت بنحو 1.7% خلال الشهر الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه، وعلى أساس سنوى ارتفعت بنحو 10% مقارنة بمثيله من العام الماضي.

ووفقا لمراقبين، فإن هذه الأرقام تعد تعبيرا صريحا عن حجم الفشل المتزايد، ومؤشرا على تزايد المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد المصري، الأمر الذي سينعكس على مستويات المعيشة ومعاناة الغالبية الساحقة من المواطنين.

ويحذر خبراء من التوسع في سياسة الاستدانة على مصراعيه، بأنه يفتح المجال واسعا لمزيد من التدخلات السياسية ويفتح المجال لمزيد من عمليات البيع المنظم لمقدرات الشعب المصري وأصوله للأجانب. مؤكدين أن الآثار المترتبة على هذه السياسات خطيرة على مستوى رهن الدولة للأجانب ومزيد من بيعها لهم، وكذلك على مستوى معاناة الشعب المصري التي باتت لا تطاق.

ومنذ استيلاء الجنرال السيسي على الحكم عبر انقلاب دموي في 03 يوليو 2013م، وهو يعتمد على مسارين في سياسته الاقتصادية: الأول هو التوسع في الاستدانة. والثاني فرض مزيد من الضرائب على الشعب، وسط تصاعد موجات الغضب الشعبي الكامنة والتي يحذر ساسة ومحللون من أن الانفجار الشعبي بات وشيكا.