“كله رايح”.. لماذا لا يستفيد العفاسي من نصيحة عم ضياء؟

“كله رايح”.. لماذا لا يستفيد العفاسي من نصيحة عم ضياء؟

يتداخل الفن مع السياسة ويشتبك الاثنان مع الرياضة، ويجد المتابع نفسه مضطرًا أن يفض هذا الاشتباك في كل مرة يأتيه حدث ما، حتى إن قُراء القرآن الكريم الذين تعودنا منهم أن ينغمسوا في تحسين التلاوة وأن يُمتعونا بأصواتهم، مدوا أيديهم وأرجلهم في مستنقعات الأسر الحاكمة، ولم يتعلم قارئ في شهرة مشاري بن راشد العفاسي من شخصية عم ضياء التي ظهرت في مسلسل “الوصية”، تلك الحكمة البالغة، حيث كان يردد دوما “كله رايح”، فاليوم دنيا وأموال وغدا حساب بين يدي الله، علاوة على أن المستور بدأ يتكشّف ورائحة المال الحرام يدركها الناس من مسيرة أميال.

ويجهل العفاسي ومن على شاكلته أن الانشغال بالسياسة عمل لا يحسنه إلا محترفوه، خاصة في هذه الأيام التي ازداد فيها قمع الحكام العرب للمسلمين، وعادوا الإسلام ظاهرا واضطهدوا الداعين له، ونال العفاسي جراء هذا الجهل هجوما شديدا عليه من النشطاء؛ بسبب انحيازه لعصابة الانقلاب، حاصرا المسألة في معاداة الإخوان فقط، متناسيا دماء المصريين من غير الإخوان، غير عابئ بحرق المساجد والمصاحف، وقتل أكثر من 5 آلاف شهيد في رابعة والنهضة، ولا باغتصاب 67 بنتا وامرأة، واعتقال أكثر من 60 ألف مصري من قبل فجرة العسكر والجيش.

مشاري والانقلاب

وبعد انقلاب 3 يوليو عام 2013، قال مصدر قريب من الشيخ مشاري بن راشد العفاسي: إن الأخير تلقى مبلغا ماليا كبيرا لجيبه الخاص ولقناته التلفزيونية من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد إمارة أبو ظبي، نظير إعلان إدانةٍ للإخوان المسلمين في مصر، وتوجيه دعوة لهم بأن يتراجعوا عن الاحتجاجات في الشارع، وهو ما قام به الرجل فعلاً.

وبحسب المعلومات، فإن الشيخ العفاسي تلقى اتصالا هاتفيا مباشرا من مكتب الشيخ محمد بن زايد يطلب منه ذلك، فيما لم يقل المصدر إن المبلغ المالي تم إرساله للشيخ على أنه هدية، إلا أنه كان واضحا ومفهوما بأن هذا مقابل ذاك، ومعروف بأن الشيخ مشاري العفاسي يتمتع بعلاقة قوية جدا مع الشيخ محمد بن زايد الذي يستضيفه في مجلسه سنويا في شهر رمضان، كما يتم توفير أحد أكبر مساجد أبو ظبي للشيخ العفاسي ليؤم فيها المصلين.

وتوجهت الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه، إلى مشاري العفاسي بعدة أسئلة، وقالت: “هل رفعت لواء جهاد الكلمة ضد العلمانية؟ ضد الليبرالية؟ ضد الشيعة؟ ضد الرأسمالية؟ ضد الإمبريالية الأمريكية؟ ضد الأنظمة الجائرة المستبدة؟ سلم منك هؤلاء الذين اتفقت عليهم الكلمة في ضلالهم، ولم يسلم منك إخوانك الذين لهم حسناتهم وسيئاتهم ورفعوا راية الدفاع عن الدين وأرض المسلمين؟!”.

وأردفت:” إني أعظك يا شيخ أن تكون طرفًا في معارك الاستقطابات، أو تُستغل لصالح أنظمة وحكومات تُحركها هواجس الانقضاض الإخواني على عروشهم. أطابت نفسك أن تهاجم الفئة الوحيدة التي توجه الصواريخ ناحية الصهاينة في العالم؟ عن حركة حماس أتحدث، تلك الحركة المجاهدة التي كان نضالها هو الضامن الوحيد للجلوس على مائدة المفاوضات مع الاحتلال، الذي لم يكن ليعبأ بالتفاوض إلا تحت ضغط الصواريخ”.

وتابعت: “تقول إن الإخوان يسيئون لعلماء السنة وكبار العلماء، ثم تقع أنت في أعراض علماء السنة أمثال الشيخ القرضاوي، وتتهمه بالتلون والبيع والشراء بدين الله، فهل المبادئ تتجزأ يا حامل القرآن؟ هل الوقوع في أعراض العلماء يمنعه أو يسوغه انتماؤهم لجماعة الإخوان أو عدمه؟”.

لم يسلم منك أحد!

وقالت الفقيه: “وهالَنِي أنْ رأيتك تسلك مسلك من يلوي أعناق النصوص، اقتبستَ من رسائل حسن البنا ما تستدل به على أن الجماعة  تكفيرية، تكفِّر كل من لا ينضوي تحت لوائها، وأعني قول البنا: “كل مسلم لا يؤمن بهذا المنهاج ولا يعمل لتحقيقه لا حظَّ له في الإسلام”.

وتابعت: “ولو أن أي طويلب علم قرأها دون خلفية الكراهية، لقطع بأن البنا يقصد المنهج الإسلامي والفكرة الإسلامية التي لا يسع أحد الخروج عنها أو عليها، ولذا لم يتناول كبار أهل العلم كلمات البنا بنحو ما ذكر الشيخ العفاسي. وهل من الإنصاف تعيين منهج شخص من خلال كلمتين دون جمع أطراف نصوص مؤلفاته بعضها إلى بعض حتى نحدد هل كان تكفيرا أم لا؟”.

وشددت: “لقد خضتَ في سيد قطب الذي لا تخلو مكتبة إسلامية من كتابه “في ظلال القرآن”، ولم تفرّق بين ما كتب قبل توجهه الإسلامي وبين ما كتب بعده، واتبعتَ غيرك في بتر نصوص كلامه عن سياقها، فأظهرتَهُ مارقا عدوا للعقيدة، وأوردتَ آراء بعض العلماء فيه، وأعرضتَ عن بعض، فهل هذا منهج الحكم على الآخرين يا حامل القرآن”.

ووبخت الفقيه العفاسي بالقول: “ولم يسلم منك حتى سلمان العودة الذي سُجن بغير ذنب سوى أنه دعا للإصلاح بين الأشقاء الخليجيين، ولم يركب موجة التطبيل، فسلطتَ عليه سيف قلمك لأنك تصنفه سروريا، وهو الرجل- الذي قضى سنوات عمره في الحديث إلى المجتمع والشباب خاصة، بأمور جامعة ومشتركات يجتمع عليها الكل، ولم يتطرق إلى الواقع السياسي للأنظمة لعلمه أن إصلاح القاعدة الجماهيرية أولى- يستحق هذا منك؟!”.

عندما يكون الحق فتنة!

واعتبر العفاسي في تغريداته على “تويتر”، دفاع المصريين عن الشرعية ورفضهم للانقلاب فتنة، وحمل جماعة الإخوان المسلمين التي تتصدر المشهد الثوري المسئولية عن استشهاد أفرادها بنيران الجيش والشرطة، وقال في التغريدة “إن الإخوان هم الذين قتلوا عناصرهم عندما أمروهم بالبقاء في ميدان رابعة”، دون أي إدانة من الشيخ للجيش الذي قام بعملية القتل ذاتها، وقام بفض الاعتصام في ميداني رابعة العدوية والنهضة.

وردا على تصريحات العفاسي التي أثارت عاصفة من الجدل والانتقادات في أوساط الإسلاميين، وجه القيادي الإسلامي الكويتي محمد المطر سؤالا للعفاسي قائلا: “هل تستطيع أن تذكر أخطاء السيسي وآل نهيان وآل سعود كما ذكرت أخطاء الإخوان؟”.

وتساءل المطر: “هل تتعمد يا مشاري ضرب الإخوان ولمصلحة من ولماذا؟ هل عدت فجأة سلفيا بعدما كنت تشتكي بقوة من هجومهم على أناشيدك؟ وهل هجومك على الإخوان إرضاء لآل نهيان الذين قلت بأحد أناشيدك عنهم (كأن الله خلقهم رحمةً للناس)!! هكذا يا سلفي يا موحد؟!”.