بعد تيران وصنافير.. السيسي يتنازل عن 180 ألف فدان بشرق العوينات لحيتان الخليج

تفريط الجنرال عبد الفتاح السيسي في التراب الوطني لا يحتاج إلى دليل أو برهان، فمنذ أن جيء به على ظهر الدبابات منتصف 2013، عبر انقلاب دموي مدعوم من تل أبيب وعواصم خليجية شديدة العداء للربيع العربي، يعاني الجنرال من أزمة الشرعية التي دفعته إلى مزيد من التنازل والتفريط؛ أملا في اكتساب شرعية تبادل المصالح بدلا من شرعية “الصندوق والحكم الرشيد”، خصوصا وأن الجنرال أجهض مسارا ديمقراطيا وليدا كان يؤمل فيه الغالبية الساحقة من المصريين كثيرا في تكريس تبادل سلمي للسلطة، وإقرار القوانين التي تجعل من مصر بلدا حرا يتمتع باستقلالية القرار السياسي واحترام مواطنيه ككل الشعوب الديمقراطية الحرة.

وفي سبيل حصوله على هذه الشرعية الزائفة، تعددت صور ومظاهر التفريط في السيادة المصرية والتراب والوطني، عبر قرارات انقلابية منحت مئات الآلاف من الكيلومترات من الأراضي المصرية لكفلاء الانقلاب في الخليج، ويمكن تفسير تمرير برلمان الأجهزة الأمنية أمس لمشروع بيع الجنسية مقابل وديعة 7 ملايين جنيه لمدة 5 سنوات، بتقنين الصفقات المشبوهة للتنازل عن الأراضي المصرية للمحاسيب من حيتان السعودية والإمارات وعواصم الخليج.

“180” ألف فدان بشرق العوينات

في عدد الإثنين 16 يوليو 2018م، نشرت صحيفة” فيتو” عنوانا مثيرا أعلى الغلاف، يكشف عن استحواذ مستثمريين خليجيين على 180 ألف فدان بشرق العوينات، وبالبحث عن موضع الصحيفة لم يتم العثور على أي مادة حول هذا الموضوع الخطير والحساس، ما يؤكد أن الصحيفة تعرضت لانتقادات وأوامر حادة من الرقيب العسكري بمنع نشر التقرير على البوابة درءا لانتشاره، ما يؤلب الجماهير على النظام الذي جعل مصر مرتعا لفسدة وحيتان الخليج.

تيران وصنافير

وليست هذه هي المرة الأولى التي يفرط فيها النظام في السيادة الوطنية وأراضي الدولة، فقد تنازل في 9 أبريل 2016 عن جزيرتي “تيران وصنافير” للجانب السعودية مقابل حفنة من الدولارات، وتمت مصادرة عدد المصري اليوم في 12 أبريل من نفس العام؛ لأنه كتب “جزيرتان ودكتوراه لسليمان.. والمليارات لمصر”، وحل محله عنوان بديل نصه “حصاد زيارة سليمان: اتفاقيات بـ25 مليار دولار”. وفي 22 أبريل ألقى السيسي على مئات المتظاهرين الرافضين للتنازل عن الجزر المصرية. ورغم أن القضاء الإداري قضى ببطلان التنازل عن الجزيرتين في 21 يونيو 2016، وأيدت المحكمة الإدارية العليا الحكم في 17 يناير 2017، إلا أن الجنرال أصر على إهدار أحكام القضاء الباتة والقاطعة وأصر على التنازل عن الجزيرتين.

منح أراض بالصحراوي لمستثمر سعودي

وأصدر السيسي قرارًا جمهوريًا في 26 مايو 2016، بمعاملة السعودي حمود بن محمد بن ناصر الصالح، المعاملة المقررة للمصريين في تطبيق نص المادة 12 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن تملك الأراضي الصحراوية. ونشر القرار في عدد الجريدة الرسمية رقم 219 لسنة 2016، ليصبح بذلك حمود الصالح أوّل أجنبي له حق تملّك أرض في مصر، بحصوله على قطعتي أرض بمحافظة الجيزة على طريق الإسكندرية الصحراوي بالكيلو 41.

تعالت الأصوات المعترضة حينها، وطالب البعض بمعاملة السعودية للمصريين المقيميين على أراضيها بالمثل، وإلغاء نظام الكفيل الذي يعانون بسببه. كما اعترض العضو السابق في الحملة الانتخابية للسيسي، حازم عبد العظيم، على القرار، مُطالبًا بتوضيح أسبابه بشكل رسمي من قبل الحكومة المصرية.

وامتيازات لملك البحرين

وفي أكتوبر 2016، نشرت الجريدة الرسمية قرارا لرئيس الانقلاب، بالسماح لحمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، بتملك أراضي 3 فيلات بخليج نعمة في مدينة شرم الشيخ، بغرض الإقامة. ويستثني القرار، ملك البحرين من الضوابط التي تمنع تملك غير المصريين في شبه جزيرة سيناء، والذي جاء بعد موافقة وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة ومجلس إدارة الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، وكذلك موافقة مجلس الوزراء.

وفي أغسطس 2017، أصدر الجنرال قرارًا برقم 386 لسنة 2017، والذي أقر بمعاملة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، معاملة المصريين، بخصوص تملك قطع الأراضي، وتحديد مساحة 161 فدانا إجمالي مساحة تلك الأراضي في ثلاث أماكن مختلفة بمحافظة الشرقية، بحسب ما نشر في الجريدة الرسمية.

بيع محمية نبق لمستثمر سعودي

وفي فبراير 2017، وافقت هيئة التنمية السياحية المصرية على منح رجل الأعمال السعودي عبد الرحمن الشربتلي حق الانتفاع بأراضٍ في محمية نبق جنوب سيناء، ولمدة ربع قرن. المثير في الأمر هو ثمن حق الانتفاع، إذ كان بمتوسط تسع جنيهات للمتر الواحد، أي ما يساوي نصف دولار أمريكي فقط! فضلًا عن الثمن البخس، فيُرجّح عدم قانونية ودستورية هذا القرار، انطلاقًا من القانون 102 لسنة 1983 الخاص بالمحميات الطبيعية، والمادة 33 من الدستور المصري التي تُوجب على الحكومة حماية الملكيات بأنواعها، بينما يُعطي القرار حق الانتفاع لأجنبي على ملكية عامة، وفي نفس الوقت محميّة طبيعية، وبلا شك أنّ حق الانتفاع هذا سيتضمن أعمالًا وفقًا للقانون تعتبر تخريبية بالنسبة لمحمية طبيعية.

وألف كم مربع لابن سلمان

وفي مارس 2018، تنازل الجنرال السفيه عن ألف كم مربع لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك ضمن مشروع نيوم. وبحسب  وكالة “رويترز”، تعد هذه الأراضي الواقعة بمحاذاة البحر الأحمر جزءا من صندوق مشترك، قيمته عشرة مليارات دولار، أعلنت الدولتان تأسيسه خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للقاهرة.

ويضم المشروع عدة أراض سعودية ومصرية وأردنية إضافة إلى “الكيان الصهيوني”، في إطار دمج الصهاينة سياسيا واقتصاديا بناء على صفقة القرن الأمريكية التي يرعاها الرئيس دونالد ترامب.

لذلك فإن ما يتردد عن تفريط الجنرال في أجزاء من شمال سيناء لتكون وطنا بديلا للفلسطينيين وفق صفقة القرن، لها ما يدلل عليها من ممارسات سابقة للجنرال كشفت عن استسهاله التنازل والتفريط أملا في اكتساب شرعية مفقودة وزعامة فارغة على حساب الشعب والوطن.